Thursday, July 21, 2011

الزواج السعيد حقيقة أم ضرب من الخيال

الزواج السعيد، حقيقة هو أم ضرب من الخيال
يتسائل العديد من الأفراد وخاصة الفتيات ما الذي يجعل الزواج ناجحاً وسعيداً؟
الكثيرات من الفتيات يعتقدن أن الجواب على هذا التساؤل هو: الحب

الحب ذلك العصفور الصغير الذي يعشعش في قلوب وأنفاس العذارى، حلم الفارس القادم من بين الضباب على فرسه المطهم بسنابك الذهب والحرير، ولكل منهن حلمها الخاص الذي تعتبره ملك لها لا تتنازل عنه.
ولكن هل الحب هو الطريق المعبد نحو السعادة الزوجية؟
لا يستطيع أن ينكر أي عاقل، ما للحب من تأثير على الشباب من الجنسين ... تلك المشاعر المتدفقة، الدافئة التي يحتضنها المرء في جنباته، العواطف التي تختزن الأحاسيس الجميلة التي تسافر بنا بعيداً في دروب مليئة بالسحر، الزائر الذي لا يُقاوم يأخذنا صوب مجهول المكان والزمن، ربما كلمة أو لحن ما، وردة جميلة تقبع على غصن نضر تعيد الأشواق الكامنة في النفوس الحالمة ويصبح الحبيب مقياس لا يمكن التخلي عنه أبداً، ولكن أترى ما يجري حقيقة أم أنه ضرب من الخيال والأحلام ليس إلا، الكثير من الشعراء تغزلوا بالحبيب و الكثير من علماء النفس حاولوا تفسير معاني الحب ومشاعره ... كيف تتكون ... مما يتكون ؟ في محاولة لفهم حقيقة هذا المجهول القادم من خلف المستحيلات.


ما هي تلك المشاعر التي تتوالد عند رؤية الحبيب ماثلاً أمام عيناه، ما سبب خفقان القلب في الضلوع ما سبب تلك الأحاسيس المترافقة؟ عدم القدرة على الكلام، التلعثم، عدم الإتزان، الحيرة، النظرات الشاردة في المجهول تلخبط الأفكار، كل هذه الأمور تدل على أن هناك شيئ ما يؤثر على أعضاء معينة بالجسد تحاول السيطرة عليها أو ربما هي عدم قدرة المرء على السيطرة على بعض أعضائه وتؤثر على إتزان تفكيره.


مهما إختلفنا في تفسير مشاعر الحب وما يكونها وما هي تلك الأحاسيس ولِما ينجذب شخص ما تجاه شخص آخر معين، وما يقال بهذا الشأن، من أن ملاك الحب كيوبيد اصاب سهام القلب والحب، ولكن مع هذا هل نستطيع أن نؤكد أن وجود الحب ضروري للزواج؟ وبالتالي سينشئ منه (الزواج) حياة سعيدة وفرحة ؟


أم أن هناك مشاعر أهم من الحب واسمى منه لتكوين أسرة سعيدة وهانئة ...

الكثير من قصص الحب والغرام التي إنتهت بالزواج لم تدم سوى فترة وجيزة من الزمن، من الطبيعي أن يتألم المرء عندما يسمع هذه الكلمات، لكنها الحقيقة دون شك، الزواج مسئولية وهو عقد شراكة بين طرفين إتفقا بموجبه على بناء حياة أسرية من المفترض أن يعمها السعادة، وعلى كل منهما واجبات تجاه هذا الزواج وللشريك الآخر ولكل منهما حقوق، أي أن هناك مسؤليات تُلقى على عاتق الطرفين، وهذه المسئوليات لو حافظ عليها الطرفان لأستمر الزواج دون أية عقبات تذكر.


ومن أهم أسس الزواج السليم الناجح بلا شك التوافق والإحترام المتبادل بين الطرفين، التوافق بين الطرفين أي أن يكون لهما أهداف مشتركة معلنة متفق عليها بينهما وأن يكونا ذات خلفية ثقافية إجتماعية متناسبة إن لم تكن متساوية.
ماذا نستطيع أن نضيف لنحصل على خلطة للزواج الناجح السعيد؟


لنرى معاً كيف يمكن أن تُعجن الخلطة السحرية لتكون زواجاً سعيداً مستمراً
الحب بين الطرفين
ليس من الضروري أن يكون الحب قد تولد قبل الزواج ولكن من المهم الشعور بأن كلا الطرفين يحمل كلٌ منهما مشاعر الحنان والمودة والإنتماء للأخر ويُسمعه بين حين وآخر كلمات والحب والغزل، فكلمة أحبك دائماً تعطي شعوراً إيجاباً دافئاً له مفعول السحر، وردة تُهدى بين فترة وأخرى تُغني عن قصائد غزلية منمقة لما ترمزه من المعاني السامية، هدية صغيرة تعبر عن الإهتمام بالشريك كفيلة بإيقاد مواطن العشق وبعثها من جديد بغض النظر عن تكلفتها المادية إذ أنها ترمز إلى التعبير عما يريد إيصاله من رسائل، هذ الأمور البسيطة مع أهميتها دائماً يتناساها الطرفان في خضم الحياة ومشاكلها ومسئولياتها مع ما لها من تأثيرات إيجابية على العلاقة.

الرؤى المشترك لطبيعة الزواج والهدف منه
الإتفاق على الهدف الذي من أجله تم هذا الزواج وهو بالتأكيد بناء الأسرة وإنجاب الأطفال بالإتفاق بين الطرفين، إذ ليس من الطبيعي أن يكون الزواج مبني على ممارسة زوجية دون الإنجاب والإستمرار بهذه العلاقة دون تأسيس اسرة طبيعية.

التفاهم والإحترام المتبادل
الحياة الزوجية هي جمع بين شخصين لم يسبق لهما الحياة معاً، إختلاف الطبائع بين البشر شيء عادي جداً لذا من المهم أن نعلم أن الزوجين سيمرا بفترة تتلاقى به نقائض كل منهما وطبائع الآخر والتي من الممكن أن تثير في الشريك ربما بعض الضيق والحيرة وربما الخوف، لذا من المهم الجلوس معاً عند كل أمر ليتفاهما عليه بكل ود وإحترام وتبيان بأن هذا الإختلاف في الطبائع هو أمر عادي ومن ثم محاولة تقريب الأمور الى الحد الأدنى، وتنازل كل طرف عما يستطيع حتى يمكنا أنفسهم من إجتياز هذه المرحلة والتي أجزم بأنها ستكون من سنة إلى سنتين لا أكثر، كما أن الزواج سيمر بأمور عديدة لم يسبق الإتفاق عليها فلا مناص من مناقشتها مناقشة هائدة يسودها الإحترام بعيدة كل البعد عن الإسفاف.

الوعي بأن لكل طرف مسئوليات عليه تحملها – الواجبات والحقوق
كل منا يعلم بأن الزواج هو شركة بين طرفين إتفقا بموجبها على تأسيس حياة زوجية مبنية على الحب والتراحم بين الشريكين وبأن لكل منهما حقوق على الطرف الآخر وعليه بالتالي واجبات يؤديها لشريكه لا يُنقص منها شيئاً اللهم إلا في حالات المرض وما يتفق عليه الشريكين، وفي كثير من الأحيان نرى أن المرأة يُغبن حق من حقوقها لأسباب عديدة منها عدم وجود الثقافة أو العلم بوجود هذه الحقوق، فلا يجب على الزوج هضم حقوق زوجته حتى وإن لم تطالبه بها لعدم علمها بها، بل ليكن السباق بهذا الأمر لما له من كبير الأثر عند زوجته وهذه من دلالات التراحم والإلفة بين الأزواج.

الخلفية الثقافية والإجتماعية المتساوية
ليس من المعقول أن ينجح زواج ما وهناك إختلافات ثقافية كبيرة بين الطرفين، كأن يعيش كل طرف منهما على حافة أخرى، من المهم أن تكون الثقافة متقاربة كي لا يشعر الطرفين بالغربة بينهما في التواصل، وأيضاً من المشكور أن تكون الأسس الإجتماعية التي ينبثق منها الطرفان من بيئة لا تختلف كثيراً عن بيئة الطرف الآخر وأن لا تكون لكل منهما عادات وتقاليد تختلف كلياً عن الآخر فهذه الأمور لا تستقيم في الحياة الزوجية إلا بشق الأنفس وإن لم يعضدها حب كبير يتخلى به طرف ما عن حقه في سبيل إنجاح وإستمرار العلاقة الزوجية.

الثقة المتبادلة
الزواج مبني على الثقة، إذ ليس من المعقول أن يخيم الشك والغيرة على زواج ما دون أن يحيله أنقاضاً ولو بعد حين، لذلك عند شعور أحد الشريكين بأن هناك شيء ما لا يفهمه ويريد إستيضاح بشأنه ما عليه سوى إختيار الوقت المناسب لمفاتحة شريكه بما يَجِدُ في قلبه وإختيار الكلمات المناسبة التي لا تقلل من إحترام الطرف الآخر.

كلمة أخيرة أحب أن أُضيفها هنا ان الزواج ليس لعبة نختارها لأننا أحببنا شخص ما، التفكير بالعقل وإستخدام القلب بشكل متوازي مع العقل من الممكن أن يصل بنا إلى أسعد زواج، لكن الإهتمام بالعواطف دونما تفكير هذا لن يؤدي إلى ما يحمد عقباه كما أن إستخدام العقل فقط قد يؤدي إلى نفس النتيجة السابقة، إذن رأيي الشخصي ومن خلال تجربتي الطويلة بالزواج لا أنصح إلا بإتباع ما يلي: الحب + التفكير المتزن والخلطة التي تكلمت عنها آنفاً بالتأكيد هي الطريقة الوحيدة لتكوين أسرة تملئ بيتك وحياتك سعادة وحبور وبالطبع التوفيق من عند الله ودمتم بكل خير.

الثقافة العربية الماضي والحاضر

الثقافة العربية - ماضي وحاضر
"اقرأ باسم ربك الذي خلق ، خلق الإنسان من علق ، اقرأ وربك الأكرم ، الذي علم بالقلم ، علم الإنسان ما لم يعلم" (سورة العلق)
كان هذا النص قاعدة الإصلاح الأولى التي صنع النبي صلى الله عليه وسلم بها نواة مجتمع حضاري حوَّل مجرى التاريخ في منطقة لا تمتلك أنموذجاً للحضارة .

وفي واقعنا المعاصر ثمة انفصام بين هويتنا وثقافتنا يحكم مسبقاً على مشاريعنا بالعقم، فالوطن العربي تمتلك شعوبه هوية تختلف عن هوية الشعوب الأخرى، ولا يمكن بحال أن تتفاعل مع ثقافتها، بل تنبهت مؤخراً إلى الغزو الثقافي الذي رافق الغزو الإعلامي وأصبح موضوع بحث ونقاش. 

يطرح هذا في أوساط المؤسسات الثقافية التي تقف حيرى أمام فشلها في الرقي بثقافة الشعوب وتنميتها .
إن الجدلية بين ثقافة المجتمع وقيمه لا يمكن أن تنفصم ، وكل تنمية للثقافة لا تنطلق من قيم المجتمع الذي تطرح فيه هي عقيمة ، ومن ثم فإن الشعب العربي لا يمكن أن يتفاعل مع ثقافات تتنافى مع قيمه وإن سميت ثقافة عربية.
ولا تعني أصالة الثقافة إهمال ثقافة الآخر وعدم الاطلاع عليها والإفادة منها، كما لا تعني ثقافة دينية بالمعنى الكهنوتي، وأيضاً ليست نشر العلوم الشرعية التخصصية التي تدرس في المعاهد كما هي عليه، بل تعني العودة إلى الأصالة منهجاً وقيماً ومصدراً في تنمية ثقافة المجتمع أيا كان اتجاهها أدباً أو فكراً أو فناً.


والثقافة العربية ليست ثقافة مستوردة، ولا مترجمة، ولا ملفقة، ولا منغلقة، بل هي ثقافة تعتمد على الإبداع الذي ينبع من التأمل والنظر في الكون، ولا حدود لهذا الإبداع فأفقه مفتوح.


الثقافة العربية تُعد مِنْ أغنى الثقافات العالمية وأهمها، فبعد ترسُّخ جذورها وتكامل متونها وتعدد فنونها في الجاهلية قبل الإسلام لغة مُشرِقة حُكماً و خُطباً، أمثالاً و شِعراً تجلت فيه العبقريةُ العربية وكان صورة لحياةِ العرب ومرآة لتفكيرهم ومشاعرهم ومسرحاً لخيالهم الخصب، تنزّل القرآن الكريم على رسول الله صلى الله عليه وسلم باللغةِ العربية فأغناها من المعاني السامية ويسر لها سبل الانتشار السريع في مشارق الأرض ومغاربها، كيف لا وهي لغة الحكم والإسلام الذي توطدت أركانه في العديد من البلاد التي تم فتحها من قبل العرب المسلمين، وخلال تلك الفترة التي إمتدت زُهاء 125 عاماً أقبلوا أبان الخلافة العباسية على نقل علوم الأقدمين، من معظم الحضارات التي كانت سائدة وقاموا بأكبر عملية ترجمة من العلوم اليونانية والهندية والفارسية فقاموا بدراسة علوم وآداب القدماء والحضارات الأخرى واضافوا إليها الكثير ومنها انطلقوا في آفاق العالم مستكشفين ومبدعين إلى جانب عطائهم المستمر في الفقه والأدب وفنون الكلام المتنوع ما بين شعر ونثر وخطابة وحِكم، وأبان تلك المسيرة الطويلة تعرضت الثقافة العربية لسهام الشعوبيون، الذين حاولوا الإساءة إلى اللغة العربية وإقصاءها عن التدريس وعن مجالات الحياة المختلفة بحجج واهية، ثم حاولوا إدخال مفاهيم مزيفة في الثقافة العربية، من ثم جاءت ثقافة العولمة لا لتزاحم الثقافة العربية في عقر دارها كما تزاحم ثقافات مختلف شعوب العالم بل لتقصيها عن عرشها المكلل بالمجد التليد.


مكونات الثقافة العربية
إن الثقافة العربية تتكون من مكونين أساسين : اللغة العربية والإسلام ومن هنا إصرار بعضهم على تسميتها: الثقافة العربية الإسلامية
إن اللغة هي وعاء العلوم جميعاً، وأداة الإفهام والتعبير العلمي، هي وسيلة التأثير في العقل والشعور بأدبها ونثرها وشعرها وحكمها وأمثالها وقصصها وأساطيرها.
ومن هنا فإن كل من يحارب اللغة العربية يحارب بالنتيجة الثقافة العربية، وكان من ديدن أعداء هذه الأمة إضعاف الفصحى، وإشاعة العامية، وإعلاء اللغة الأجنبية على اللغة العربية، وإلغاء الحرف العربي في الكتابة، وإحلال الحرف اللاتيني محله.
أما الدين فكل الثقافات مدينة للأديان في تكوينها وتوجيهها، سواء أكان هذا الدين سماوياً أم وضعياً كما هو واضح في ثقافات الشرق والغرب، لاسيما الإسلام الذي له تأثيره العميق والشامل في ثقافة أمتنا العربية عن طريق عقائده الإيمانية، وشعائره التعبدية، وقيمه الخلقية، وأحكامه التشريعية، وآدابه العملية، ومفاهيمه النظرية، حتى إنه يُعد مكوناً مهماً لثقافة غير المسلم الذي يعيش في المجتمع المسلم، وهو ينضح على تفكيره ووجدانه وعلاقاته، شَعرَ أم لم يَشعُر ، مما دعا الزعيم السياسي مكرم عبيد في مصر إلى القول: أنا نصراني ديناً، مسلم وطناً .

ويأتي السؤال ـ الإشكالية:  
كيف تكون العلاقة بيننا وبين هذا الوافد الجديد؟ 
كيف نوازن بين قديمنا وحديثهم؟ 
بين تراثنا الأصيل ومعاصرهم الدخيل؟ 
هل العلاقة بين التراث القديم والوافد الحديث ـ أو بين الأصالة والمعاصرة ـ هي علاقة التضاد والتناقض؟ فلا أمل في الجمع بينهما، أو هي علاقة التنوع والتكامل وهنا يمكن الجمع بينهما؟

السؤال خطير، والجواب مهم، ولاسيما في هذه المرحلة التي تسعى فيها أمتنا لتحقيق ذاتها، بعد أن اكتشفت ذاتها التي غابت أو غُيبت عنها زمناً، وقد أجاب عنه أناس بافتراض التناقض بين الأمرين، فاختار فريق التراث والأصالة، وعاشوا غرباء عن العالم والزمان واختار آخرون العصر والحداثة، وعاشوا غرباء عن الأهل والمكان، وبقي آخرون مترددين بين أولئك وهؤلاء .

هل من تعارض بين الثقافة العربية والمعاصرة؟
إن الموقف الصحيح هو الذي يُتخذ بعد الدراسة المتأنية لكل من الأمرين المعروضين، وقد سقط الكثير في هذا الخطأ الشنيع، حين تسرع في الجواب بغير علم عن هذا السؤال.
ويحكي لنا الدكتور زكي نجيب محمود في كتابه " تجديد الفكر العربي " قصة تسرعه حين واجه السؤال عن طريق للفكر العربي المعاصر ، يضمن له أن يكون عربياً حقاً (أي أصيلاً) ومعاصراً حقاً.
"قد يبدو للوهلة الأولى أن ثمة تناقضاَ أو ما يشبه التناقض بين الحدين لأنه إذا كان عربياً صحيحاً اقتضى ذلك منه أن يغوص في تراث العرب الأقدمين حتى لا يدع مجالاً لجديد ـ وإن من أبناء الأمة العربية اليوم من غاصوا هذا الغوص الذي لم يبق لهم من عصرهم ذرَة هواء يتنفسونها ـ وأما إذا كان معاصراً صحيحاً، كان محتوما عليه أن يغرق إلى أذنيه في هذا العصر بعلومه وآدابه وفنونه وطرائق عيشه، حتى لا تبقى أمامه بقية ينفقها في استعادة شيء من ثقافة العرب الأقدمين .
نعم قد يبدو للوهلة الأولى أن بين العربية والمعاصرة تناقضاً أو ما يشبه التناقض، ولذلك يجب السؤال الذي يلتمس طريقاً يجمع الطرفين في مركّب واحد، وكأنما هو سؤال يطلب أن تجتمع مع الماء جذوة نارة، فهل بين الطرفين مثل هذا التناقض حقاً؟ أو أن ثمة طريقاً يجمع بينهما، ذلك هو السؤال
" ويكمل الدكتور زكي قائلاً : "لقد تعرضت للسؤال منذ أمد بعيد، ولكني كنت إزاءه من المتعجلين الذين يسارعون بجواب قبل أن يفحصوه ويمحصوه ليزيلوا منه ما يتناقض من عناصره، فبدأت بتعصب شديد لإجابة تقول: إنه لا أمل في حياة فكرية معاصرة إلا إذا بترنا التراث بتراً، وعشنا مع من يعيشون في عصرنا علماً وحضارة، ووجهة نظر إلى الإنسان والعالم، بل إني تمنيت عندئذ أن نأكل كما يأكلون، ونجدّ كما يجدُون، ونلعب كما يلعبون، ونكتب من اليسار إلى اليمين كما يكتبون !! على ظن مني آنئذ أن الحضارة وحدة لا تتجزأ، فإما أن نقبلها من أصحابها ـ وأصحابها اليوم هم أبناء أوربا وأمريكا بلا نزاع ـ وإما أن نرفضها، وليس في الأمر خيار بحيث ننتقي جانباً ونترك جانباً، كما دعا إلى ذلك الداعون إلى الإعتدال، بدأت بتعصب شديد لهذه الإجابة السهلة، وربما كان دافعي الخبيء إليها هو إلمامي بشيء من ثقافة أوربا وأمريكا، وجهلي بالتراث العربي جهلاً كاد أن يكون تاماً ، والناس ـ كما قيل بحق ـ أعداء ما جهلوا، ثم تغيرت وقفتي مع تطور الحركة القومية، فما دام عدونا الألدُ هو نفسه صاحب الحضارة التي توصف بأنها معاصرة، فلا مناص من نبذه ونبذها معاً، وأخذت أنظر نظرة التعاطف مع الداعين إلى طابع ثقافي عربي خالص، يحفظ لنا سماتنا ويردُ عنا ما عساه أن يجرفنا في تياره فإذا نحن خبر من أخبار التاريخ، مضى زمانه ولم يبق منه إلا ذكراه" . ويتابع الدكتور قوله : "ولولا رجوعي إلى ثقافتي العربية لدخلت القبر بلا رأس"
وُجِدت منذ عصر النهضة ـ وتوجد الآن ـ في المجتمع العربي أقلية تدعو تصريحاً أو تلويحاً إلى تقليد الغرب جملة وتفصيلا، بهدف الخروج من وضعنا البائس، إن بعضهم يفسر هذا الميل بالقانون الاجتماعي الذي ذكره ابن خلدون، القاضي بأن المغلوب مجبول على تقليد الغالب في كل شيء ، إن أمتنا العربية على الصعيد الثقافي لا تبدأ من العدم بل هي تستند إلى إرث ثقافي غني باذخ، وما يشغلها الآن هو: 

كيف توائم بين هذا التراث وبين متطلبات العصر الذي نعيش فيه؟
هل تتمسك بالثقافة المتوارثة التي ألفتها أم تهجرها إلى ثقافة مستوردة ؟ خطران يتهددانها لأنها إن تمسكت بالقديم مكتفية به عاشت خارج الزمان، وإن تلبست الجديد بلا روية عاشت خارج المكان، إن هذه المشكلة قد شغلت العديد من المفكرين والباحثين، ولكن من الجلي أن الثقافة ليست في أكثر مكوناتها صيغة جامدة لا تتغير، بل هي نتاج بشري ينمو ويزداد عمقاً واتساعاً بجهود البشر، فالثقافة العربية في عصر المعري ببلاد الشام وعصر ابن رشد في الأندلس ليست الثقافة العربية في العصر الجاهلي أو صدر الإسلام أو العصر الأموي، إننا نستطيع أن نقدر للتراث قيمته ودوره في تكويننا النفسي والاجتماعي ونأخذ منه ما تقتضيه حاجتنا اليوم، وأن نقبل على الثقافة المعاصرة فنقتبس من ثقافات الآخرين ما تحتاج إليه ثقافتنا لتحقق معاصرتها ومواكبة الثقافات الأخرى، ولاسيما في ميدان العلوم والتقانة والتقنية والعلوم المستحدثة في السنوات الخمسين الأخيرة، فالمواءمة بين الموروث والجديد يحفظ للأمة هويتها ويجدد طاقتها على النماء والتطور .
أجل إن الثقافة العربية هي إحدى الثقافات الكبرى في تاريخ البشرية، وهي مؤهلة اليوم لاستئناف دورها حاضنة لقيم الخير والعدالة والمساواة والمحبة والسلام ونابذة كل ما يشوه الإنسان من صور الشر والجور والعنصرية والظلم، وذلك من خلال صيغة مركبة متحركة متطورة لا تتنكر للأمس الغابر ولا تغمض العين عن متطلبات اليوم والغد .
هكذا يوجد على الساحة العربية تياران يتفقان في الهدف، محو التخلف، ويفترقان في الأسلوب : الأصالة بالمحافظة على الموروث، أم النبوغ في إطار التراث الإنساني المشترك.

تُرى مَنْ مِنَ الفريقين معه الحق مادام الهدف واحد والإسلوب مختلف؟


د. فرحان السليم: الثقافة العربية بين الأصالة والمعاصرة (1)
د. زكي نجيب محفوظ: تجديد الفكر العربي، القاهرة، دار الشروق، ص12ـ 14

الترجمة من منظور إسرائيلي

الترجمة من منظور إسرائيلي
يقول د. إبراهيم البحراوي في كتابه "الأدب الصهيوني بين حربي 67 و73" إن الأدب يمثل واحداً من أهم وأوثق السجلات المعرفية التي يمكن الإستناد إليها في إستقاء المعلومات عن التكوينات الباطنة في مجتمع ما والتي يصعب في أحيان كثيرة رصدها عبر سائر المصادر المعرفية المباشرة من كتابات سياسية وإجتماعية وفلسفية وما شاكلها.
ويفسر السيد يا سين إهتمام المؤسسات البحثية الإسرائيلية بترجمة ودراسة الأدب العربي بمختلف عصوره بدءاً من العصر الجاهلي حتى العصر الحديث بأن أي أدب يرصد العمليات الإجتماعية التي تصاحب التغيير الإجتماعي وتلقي الأضواء عليها وعلى مساراتها المتعددة بصورة أكثر بروزاً ووضوحاً وحيوية من كثير من البحوث العلمية. من هنا يهتم الباحثون العلميون بتحليل مضمون هذه الأعمال الأدبية حتى يضعوا أيديهم على مفاتيح التغير الإجتماعي في اي مجتمع وآثاره.


على ماذا يدل هذا؟ 
 
بالتأكيد إنما يدل على أن إهتمام الباحثيين الإسرائيليين لهذا الأدب بمختلف عصوره وترجمته لا تنطلق من رؤية أكاديمية، وإنما منظور التعرف على المجتمعات العربية حيث أنها مجتمعات معادية للدولة العبرية، ماذا يقول الباحث الإسرائيلي د. ساسون في هذا الشأن؟ " إن مطالعة الأدب العربي الحديث ضرورة حياتية لكل مثقف إسرائيلي ولكل قارئ إسرائيلي نبيه، إذ من دون إطلاعه على التيارات الأدبية فإن معلوماته عن الإنسان العربي ستكون مشوهة ومرتكزة على معلومات صحفية يومية، ويتعلم القارئ الإسرائيلي عن طريق مطالعة الأعمال الأدبية العربية في مجال الرواية والمسرح والشعر كثيراً من المفاهيم النفسية للإنسان في القاهرة ودمشق وفي بيروت وبغداد وحتى في أرياف مصر ولبنان وسوريا وهلم جراً ويتعرف بهذه الوسيلة على مشاكل ومتاعب الأديب العربي والإنسان العادي في نفس الوقت".


مراكز بحثية إسرائلية مختصة بترجمة ودراسة الأدب العربي وتدريس اللغة العربية في معاهدها المنتشرة في فلسطين المحتلة، يقول الدكتور محمد أحمد صالح حسين الأستاذ بجامعة القاهرة في بحث له بإسم "لماذا تهتم إسرائيل بالأدب العربي؟" "لقد كان معهد الدراسات الشرقية من أوائل المعاهد التي أقيمت في الجامعة العبرية، تم إنشاؤه عام 1926 اي بعد إنشاء أول جامعة صهيونية في فلسطين بعام واحد" كما يضيف قائلاً تضم الجامعات الرئيسية التي أقيمت في إسرائيل مثل جامعة تل أبيب وحيفا وبار إيلان و بن جوريون بالنقب وغيرها أقسام لدراسة الأدب العربي، كما تصدر هذه الأقسام والمراكز عدداً من الدوريات والمجلات التي تتناول بالبحث الأدب العربي وتنشر ترجمات أدبية لمختلف عصوره، يضيف قائلاً بأن الباحثون الإسرائيليون حاولوا تقديم أنفسهم للعالم الغربي بأنهم متخصصون في الدراسات العربية والشرق أوسطية، فنجد مثلاً أن الباحث يعقوب م. لانداو ينشر كتاباً عن المسرح والسينما في مصر بالولايات المتحدة الأميركية وإعادة ترجمته إلى اللغة الفرنسية وغيرها من اللغات، يهتم الإسرائيليون بالأدب العربي الحديث وترجمته ويحظى بالإهتمام الأكبر وبالطبع بدراسات أوفي ومتابعة أدق في ضوء الصراع العربي الإسرائيلي وكانت البداية بترجمة قصة "الأيام" لطه حسين التي قام بها مناحيم كابيلوك عام 1932 كما قام نفس المترجم بترجمة قصص محمود تيمور تصور بها في تفصيل دقائق الأحياء المصرية الفقيرة بالقاهرة.
التركيز دائماً يكون على الرواية لماذا؟ لأنها تقدم صورة بانورامية شاملة تساعد الباحث الإجتماعي الإسرائيلي على إعادة التركيبة الإجتماعية للواقع المحكي ومن ابرز ما تم ترجمته إلى العبرية روايات توفيق الحكيم، نجيب محفوظ، يوسف إدريس وغيرهم ومن روايات توفيق الحكيم "يوميات نائب في الأرياف "1945 و"عودة الروح" 1957 وغيرها الكثير، وكثيراً ما تنشر مع هذه الترجمات دراسات وتحليلات أدبية لهذه الأعمال المترجمة إذ يحاول بعض الدارسين أخذ العبر والتوصل لبعض الإستنتاجات بالنسبة للإتجاهات الفكرية لدى طبقة المثقفين المصرين ونواحي تفكيرهم إزاء الأوضاع الإجتماعية والسياسية الراهنة كما يقول د.ساسون سوميخ.
بالطيع كان للأدب المصري الحديث نصيب الأسد نظراً لما تحتله مصر بين الدول العربية في مجال الإبداع الأدبي من ناحية ومن ناحية أهمية دورها المحوري في الصراع العربي الإسرائيلي، ولكن لا يعني هذا أن الترجمات تجاهلت الأدب العربي في الدول العربية الأخرى التي تمثل ايضاً طرف في الصراع العربي الإسرائيلي فترجمت العديد من الأعمال القصصية للأديب اللبناني توفيق عواد ومخائيل نعيمة وليلى بعلبكي وغيرهم الكثير كما تم ترجمت أعمل قصصية من العراق للعديد من الأدباء مثل ذي النون أيوب وعبد الملك النوري وغيرهم، كما تم ترجمت العديد من الأعمال الشعرية وكان للشعراء العراقيين واللبنانين والسورين دون المصرين الباع الأكبر ويعود ذلك إلى ظهور جيل من الشعراء في العراق ترأسوا الحركة الشعرية التي تعرف بالشعر الحر...
على الرغم مما تم ذكره يبدو في ظاهره اكاديمياً صرفاً يسعى لمتابعة كل ما هو جديد فإنه في الحقيقة ينضوي تحت ما سلف تناوله من قبل وهو رصد المتغيرات والتحولات الإجتماعية فلا يمكن تحليل التحولات الكبرى في أدب ما وفهمها بمعزل عن التحليل الإجتماعي للعوامل الإجتماعية والسياسية والإقتصادية والعلمية.

الصعوبات التعليمية عند الطفل

أوليس الطفل هو القاعدة الصلبة للأمم ؟
أوليس تفهم التلميذ ومساعدته علمياً بواسطة تقنيات ملائمة يُشكلآن حافزاً لتقدمه وتطوره على الصعيدين الإجتماعي والتربوي؟

بالنسبة لي فإن كل طفل أو تلميذ لديه قدرته الخاصة على التعلم والإستيعاب وبالتالي تتولد لديه الرغبة في التقدم فيما نقدم له وفيما يراه هو منبسطاً أمامه سهل لا عوائق فيما يراه ، الكثير من الأطفال ورغم أنهم يتمتعون بذكاء جيد وليس لديهم معوقات خُلقية كالرؤية والسمع وينمون في محيط متوازن عاطفياً واجتماعياً وثقافياً ويبذلون مجهود وطاقة في المنزل والمدرسة ألآ أنهم لا زالوا يواجهون صعوبات مدرسية وعلامات متدنية بصورة متواصلة، ما السبب يا ترى؟
إن الإضطرابات في القرأة والكتابة والإضطرابات في الحساب والمنطق هي الصعوبات الأكثر شيوعاً عند الأطفال، كيف؟ لنأخذ جولة لنرى أين.
1- الإضطرابات في القرأة والكتابة:
        كيف تكون قرأة الطفل ؟
• بسرعة وبالتالي أخطاء تُرتكب
• بطئ شديد ودون مراعاة الإيقاع الملائم
• إهمال علامة الوقوف
• إهمال كلمات أو حتى سطراً كاملاً
• إختراع كلمات
• فهم جزء من النص
        كيف تكون كتابة الطفل
• كلمات ملتصقة
• كتابة متعثرة، مرتجفة، متغيرة لأحجام الحروف
• لا يتبع أسطر الدفتر
• يكتب أحياناً من الشمال لليمين
• يكون الإملاء أفضل في الكلمات الأولى لكنه سرعان ما يتعب ويبدأ بنسيان الكلمات
• دائماً يرتكب نفس الغلطات الإملائية

2- الإضطرابات في الحساب والمنظق
الإضطراب في الحساب والمنطق هو تأخر في إتقان الرياضيات رغم النتائج الجيدة في القرأة والكتابة، إن الطفل الذي يواجه مثل هذه الإضطرابات هو طفل ذكي ويحلل الأمور المتعلقة بالحياة اليومية بشكل سليم.
          كيف يعدّ الطفل؟
• لا يفهم الأعداد
• لا يعد بتسلسل
• يحفظ المسائل الحسابية دون إستخدام المنطق
• يجد صعوبات في التسلسل، في التصنيف...الخ
• يتبع تقنية خاصة به لا يتبعها أي زميل له في الصف

3- كيف نكتشف إضطرابات القرأة والكتابة:
إن تراكم المؤشرات السلبية وإستمرارها الزمني ينبهان الأهل والمدرسين إلى إمكانية تعرض الطفل للصعوبات لدى التعلم المدرسي.
  مرحلة الروضة:
• لا يفهم جيداً ما يقال
• لا يلفظ جيداً أصوات الحروف
• لا يركب جملة كاملة صحيحة
• لا يرتب الكلمات بشكل صحيح في الجملة
• ضعف بالذاكرة
• مازال يعتمد على الآخرين
• لا يستطيع التركيز بصورة مستمرة
• يجد صعوبة في تعلم الأحرف والأرقام والألوان وأيام الإسبوع والأشكال
  مرحلة الصفوف الأساسية:
• لا رغبة بالقرأة
• لا يستطيع شرح ما يقرأ
• يقرأ إما بسرعة أو ببطئ شديدين
• أرتكاب الأخطاء الكثيرة عند القرأة
• يفهم النص من خلال الرسوم المرافقة
• لا يستطيع قرأة العبارات البسيطة أو الكلمات المألوفة أو الكلمات الجديدة
• يلتبس في الأحرف المتقاربة سمعياً مثل (ز- ذ) (غ – خ) وغيرها والمتقاربة بصرياً (ج – ح) (ب – ت) سواءاً في القرأة أو الكتابة
• لا يميز بين الكلمات المتشابهة مثل (البيت – البنت) في القرأة أو الكتابة
• حذف أحرف أو مقطع من كلمات (الملكات – المكات) في القرأة أو الكتابة
• إضافة أحرف أو مقاطع على الكلمات (التلميذة – التلميذات) في القرأة أو الكتابة
• صعوبة كبيرة في تطبيق القواعد اللغوية
  مرحلة الصفوف الثانوية:
• العجز عن قرأة ما يكتب
• لا يستطيع تدوين المعلومات
• إيجاد صعوبة كبيرة في تقديم أي عمل كتابي
• تجنب القرأة
• إيجاد صعوبة في الإجابة عن الأسئلة المفتوحة في الإمتحانات

4- ما العمل؟
إن تراكم المؤشرات السلبية وإستمرارها الزمني ينبهان الأهل والمدرسين إلى إستشارة المتخصصين لإجراء إستقصاءات أكثر تعمقاً لوضع تشخيص دقيق.
المختصون هم: مختص في التربية التقويمية، في العلاج اللغوي، العلاج النفس-حركي، العلاج النفسي.

  كيف يتم الأمر
يجب مراقبة التلميذ وكشف الصعوبة التي يواجهها من قبل المدرس وبالتالي عمل تقييم لإرساله إلى قسم المساعدة الخاصة والذي يهتم بدراسة الحالة من خلال عدة جلسات على مستويات مختلفة وتحديد الإقتراحات حول حاجة التلميذ وبها يتك إجراء تقييم أولي تبعاً لحاجات الطالب ومعرفة مكامن ضعفه وقوته داخل أو خارج الصف الدراسي ومن ثم يتم إعداد تقرير نهائي يتم على أثره إستدعاء الأهل لشرح حاجة الطالب بالتفصيل ورسم خطة عمل واضحة الأهداف على الصعيد التربوي والإجتماعي واللغوي تبعاً للحالة وحسب الإحتياجات التي تم الكشف عليها بواسطة التقييم، التدخل للوقاية أو لتخفيف المشكلة التعليمية لدى الطالب تبعاً لحاجاته الخاصة على الأصعدة التالية: (التربوية، النفسي أو الحركي أو الإجتماعي أو اللغوي)
بالطبع الصعوبات التعليمية للطلاب في المراحل المختلفة الدراسية واقع ملموس يجب الإهتمام بها ومعالجتها عند الكشف عليها ويقع على الأهل والمدرسين عبئ الكشف عن الخلل الملازم لهؤلاء الطلبة، أما الأمور التي ربما يعاني منها الطلبة وتزول بعد التنبيه عليها فلا تعتبر من ضمن ما تحدثنا عنه لأنها تعتبر أمور عادية ... لي إستفسار الرجاء كتابة السؤال بشكل واضح حتى يكون الجواب ملبياً لرغبات الإخوة المعلقين فيما لو كان هناك تساؤل ما. ودمتم بكل خير سليمان الحكيم

Friday, July 8, 2011

رفيق دربي ... تقول




أنتَ رفيق دربي
وأغمضتْ عينيها مِنْ تعبٍ.. تَقول 

كلَ يومٍ في رؤاها مَلايين الفُصول
دقائقُ الأحداثِ
والألمُ يَجول..


كيفَ أنساها وذا قبراً تُغطيهِ الثلوجُ يوماً
ويوماً عصافيرُ الحقول


وأغرورقَتْ عينييّ في خُضّمِ الدّمعِ والروحُ تَجود 

فداكِ أماهُ نفسي وأولادي والجُدود
وتلعثُم الكلِماتِ في صَمتٍ رهيب
أماهُ لا أعلمُ.. لا أفهم! 

وكيفَ يُفهمُ أماهُ الجُنون
تتراجعُ النّظراتُ ثَكلى ترسُمُ بالعينِ الأفول 

وذاكَ الصَدرُ الذي إرتويْتُ مِنْ أحضانهِ
نَحيفٌ يَعُبُّ مِنْ نَسْمِ الطلول
ويُحيلُ يا أماهُ الصَمتَ أنينُكِ زاجِراً مِثلَ الأسود 

تتعلقينَ بأهْدابِ النسيمْ
وتنحني كالموجِ يهدرُ في السماءِ مُنكسِراً عِندَ الوصول


أماهُ يا أماهُ ماذا يرتدي الطِفلُ النّديّ
وبماذا يا أماهُ يلتحِفُ الكُهول
وقد تعلقَ اسمُهُ في مِعصَمي نجوى
ونجوايَ تَحتَ الرملِ تلتَحِفُ النجوم


ماذا أقولُ لغادةٍ تأتي غداً
والوعدُ يا أماهُ حَطَمهُ الذُهول؟

طفلٌ أنا .....


طفـــلُ أنا لو تَقرأينَ حِكــــايتي
أو تسمعي مِنَ المَحـــارِ فنوني
إنْ تَكشُفي كفـــي ففيهِ رِوايتــي
أو تغزُلي مِلئُ السحابِ جنونـي

طفــلٌ أنا لــو تأخُــذينَ بــرايتـي
نغزو المُروجَ نُــراقِص النغماتِ
نلهو ونلعبُ كالفــراشِ رفيقتـــي
فالعشب مَهدي والنجوم بــناتـــي

أحْبـو وأمرحُ فــي ثُـراكِ جميلتي
وحمائــمٌ يلهيــنَ عنـي صَــلاتـي
الأيكُ قلعتي والغُصــون سراجي
والسيف نَصْلهُ من سَنى عينـــاكِ
طِفــلٌ أنا لــو تعلميــن صغـيرتي
مثل الجداول في الجـبالِ دروبـي
ينبــوعُ حــبٍ لا أخــالُ حبيبتــي
ينســى مــياهِ شـــارباً لِطُيــوبـي
الحبُ أصلي والهَــيامُ صبابتـــي
والعشــقُ مني راهِــباً وذُنــوبـي
لا تَقـتُلــي قلــباً أنــاخَ بِــماطِـــرٍ
بَــينَ السُهــوبِ هائِــماً منــدوبِ

طفلٌ أنا إن تــرتضي هفــواتــي
أو تسمحين بأن تــكوني ملاكـي
لا تحسبي أني هجــرتُ طُفولتي
وبقيتُ أعدو في سنــين شــبابـي
مازلت أحبو في رُبــاكِ حبيبتـي
ألآ ليت أنـك تسمعــين خــطابي

مــازال قلبــي نابــضاً بــدمــاكِ
مــازال نبضي لا يريــد ســواك
ألآ ليـــت أنكِ في المساءِ مليكتي
تهـــدين لي قبل الرحيل حــياتي