Saturday, April 20, 2013

القصيدة الكاملة - سأعود - مهداة للورد بايرون في ليلته الأخيرة

1-
سَأَعُوْدُ مُتَأَبِّطاً سُوَيْعاتَ نَحْرِيْ
لأنْتَشِيْ والْخَمْرُ مِنْ شِقَّيْها

فَلَمْ يَعُدْ لِغَيْرِ مِحْرابِها عُمْرِيْ
وَلَمْ يَعُدْ لِيْ بَعْضُ ما فِيْها

كَأنَّها والأمْسُ لَمْ تَكُنْ
ولَمْ ألْقَها أبَدا
فَمَا الحُزْنُ إلآ جَنْدلٌ فِيَّا

أتَرْتَقِبْ، وقَدْ عَفَى
رَسْمٌ لِذِكْرِيْ أوْ صَدَى لِيَّا؟

كَأنَّنِيْ وَالْشَّيْبُ صَبَّا
أَغَرَّهُ الْطَيْشُ شَقِيَّا

أُعانِقُ الأرْياحَ نَهْزاً
وأسْبِقُ الْدَّهْرَ سَرِيَّا

كَأَنَّنِيْ وَاللَّيْلُ غَمْضٌ
وَالْكَرَى والأفْقُ غَيَّا

مُعَتَّقٌ والخَمْرُ صِرْفاً
مِنْ رُضَابِ الشِّعْرِ رَيَّا

سَأعوْدُ لأخْتليْ والْدَّهْرُ طَيَّا
والْجَنَى غَضًّا طَريَّا

2-
تُراقِبُ الأقْدَارُ عُمْرِيْ
وتَنْتَقِيْ مِنْهُ الرَّضِيَّ

وتَسْفَحُ الأيّامُ ظَهْرِيْ
لأرْتَضِيْ فِيْهِ الرَّدِيَّ

سَأطْرُقُ الأهْوالَ طَوْعاً
وأعْتَلِيْ فيْها الثّرَيَّا

فَهَلْ تُراهُ العُمْرُ يَبْقَى
وهلْ تُرَى الغَيْبُ حَفِيَّا؟

سَأعُوْدُ لأحْتَفِيْ فِيْها وَفِيَّا
وأذْرِفُ الدَّمْعَ أبِيَّ

سَأصْطَلِيْ فيْهَا جِمَاراً
وأقْطِفُ الرَّطْبَ جَنِيَّا

لِنَنْهَلَ الشّهْدَ سَوِيّاً
وأَعْتَلِيْ مَا دُمْتُ حَيَّا

فَهَلْ أبْقَيْتُ مِنْ عُمْرَيَّ نَزْراً
لأرْتَجِيْ والْوَصْلُ شَيَّا؟

3-
أتُراها أطْلَقَتْ قَيْدَ الجُنُوْنِ
وأسْبَلَتْ غَيْرَى عَدِيَّ

أمْ تُرى يا عُمْرُ مِثْلِيْ
لَمْ تُبِحْ لِلْجَمْرِ شَيَّا

أتُراها أغْدَقَتْ دُوْنِيْ الشّرُوْدَ
وأعْتَقَتْ بَعْدِيْ نَدِيَّا

أتُراها أغْمَدَتْ سَيْفَ الْظَّنُوْنِ
وطَلّقتْ رَيْباً عَرِيَّا

هلْ تَدَاعَتْ كالطّلوْلِ
بَعْد عَلْياءٍ دَنِيَّا

أمْ تُراها كالْشُّمُوْسِ
أغْدَقَتْ نُوْراً سَنِيَّا

تُجَرِّدُ السَّيْفَ وتُبْقِيْ
للْرَّدَى غَمْداً عَصِيَّا

4-
كيْف يُسْعَى للْجُنُوْن
لوْ بَدا حُلْمًا فَرِيَّا

أخْطَلُ الْأراءِ تَمْضِيْ
والْخُطَى غيْباً عَمِيَّا

تَنْدُفُ الشُطْآنُ زَهْوِيْ
بَيْنَ أمْوَاجٍ عِتِيَّا

أيسْمِلُ الْإعْصَارُ قَرْحِيْ
ويَسْتقيْ الشُّؤْمَ مَرِيَّا

أأنْدُبُ الْأقْدارَ حَظّيْ
كمُؤْمِنٍ باللهِ عِيَّا

غَادَرَ الْغُصْنَ الْرّطيْبَ
وأَعْتَقَ الشّيْطانَ فِيَّ


5-
عِنْدَما يأْتِيْ إلَيَّ
يَنْزِعُ الْرَّوْحَ الْسِّلِيَّا

كَمْ تَرَجَّاه ثَرِيٌّ
إنْ دَنا غَيْبُ الْمَنِيَّةْ

لَيْسَ للْحَمْقَى دواءٌ
إنَّما الْحُمْقُ الْبَليَّةْ

لَيْسَ فيْ مَوْتٍ شِفاءُ
مَنْ تُرى مِنْهُ نَجِيَّا

زَمِّلوْنيْ الدّهْرَ هَيَّا
إنْ سَبَى مَوْتيْ خَليَّ

وانْسِجُوا الرِّيْحَ دُرُوْباً
يَعْتَلِيْ فِيْها زَكِيّا

قَدْ وَهَبْتُ المَجْدَ عُمْرِيْ
وامْتَشَقْتُ الْرَّوْيَ نَيَّا

فاخْتَضَبْتُ الشِّعْرَ عِطْرِيْ
مُلْهَمًا غَضّاً صَبِيَّا

واحْتَفَيْتُ كُلّ قَرْنٍ
بالْحُرُوْفِ الْأبْجَدِيْة

6-
هَا خَرِيْفَ الْعُمْرِ يَحْبُوْ
فَوْقَ أنْغَامٍ شَجِيَّ

تَهْمِسُ الْألْحَانُ نَسْماً
والْصَّبَا رَيّاً هَنِيَّ

هلْ تُراهُ الرَّوْحُ يَغْفُوْ
بَيْنَ أحْضَانٍ حَفِيَّةْ


7-
أيْنَ مِنِّيْ الْيَوْمَ طِيَّ
لا تَرَى عَيْنايَّ شَيَّ

هَلْ تُرَى تَغْفُوْ لأصْحَى
فيْ ديارٍ لنْدَنِيِّةْ

كَيْفَ ذاكَ العَهْدُ مَرَّ       
والْصَّدَى والْجَمْرُ فيَّا

عَطِّرِيْنِيْ يا بُنَيَّةْ
مِنْ رُبَى أرْضٍ زَكِيَّةْ

واخْطُرِيْ لحْديْ نَسِيْماً
فيْ رِوَاحَ البَحْرِ طَيَّ

أوْلِمِيْ الأقْدَارَ نَعْشِيْ
وانْثُرِيْ دَمِّيْ  شَهِيَّا

وانْسِلِيْنِيْ فيْ عُرُوْقٍ
مِنْ جِبَاه العِزِّ حَيَّا

هلْ تَرَيْنَ مِنْ خُلُوْدٍ
إنْ تَقَصَّاه نَبِيَّا

أوْ تَرَيْنَ فِيْ عَجَاجٍ
مَسْلَكاً يَهْدِيْ شَقِيَّا

8-
نَبِّؤُوْنِيْ كَيْفَ رُوْمَا
هَلْ صَدَى شِعْريْ رِبِيّا

هَلْ أُبَاةَ الْضَّيْمِ حُرٌّ
سَطَّرُوا الْمَجْدَ عَلِيَّا

هَلْ بَنَى الْثُوَّارُ عِزّاً
فِيْ أثِيْنا الْمَجْدَليَّةْ

أمْ طَغَى جَيْشُ العُداةِ
واحْتَذَى الْمَوْتُ الْبَرِيَّةْ

خَبِّرُوْنِيْ أنْبِئُوْنِيْ
فَالْرَّدَى آتٍ جَليَّا

يَنْسِفُ الأرْوَاحَ مَنْ ذا
لِلْرَّدَى يَبْقَى عَصِيَّ

لَنْ يَكُوْنَ الْعَيْشُ مَجْداً
فِيْ قُيُوْدِ الذُّلِّ رِيَّا

قُيَّدَ فِكْرُ النُّبُوْغِ
لِيُلْجَمَ الْإبْدَاعُ فِيَّا

طَارِقاً بَابَ الْمَعَانِيْ
راصِداً فِكْراً سَنِيَّا

هَلْ خَبَى نَارُ الْفَرِيَّةْ
وَارْتَقَى لِلْفِكْرِ ضَيَّا

هَلْ غَدا عُمْراً كَعُمْرِيْ
إنْ بَلَى غُصْنًا زَهِيَّا

هَلْ تَرَوْنِيْ يا أُخَيَّ
نَاقِداً شِعْريْ غَوِيَّا

أمْ تَرَوْنِيْ حِيْنَ أُمْسِيْ
عَاقِداً لِلْسِّحْرِ زَيَّا

تَشْتَرُوْبِيْ كُلَّ غِمْرٍ
تُعْقَدُ الأشْطَانَ لِيَّ

خَبِّرُوْنِيْ بَعْدَ صَمْتِيْ
هَلْ بَقَى لِلْشِّعْرِ رَيَّا

خَبِّرُوْنِيْ أيُّ شِعْرٍ
إنْ رُوَى أنْدَى وَحَيَّا

لَيْسَ لِلْشِّعْرِ لِسَانٌ
إنْ خَلا مِنْهُ رِئِيَّا

طَوِّبُوْنِيْ يوم نحْريْ
فَالْثّرَى قُدْسُ الْبَرِيَّا

رَسِّمُوْنِيْ غَيْرَ أنِّيْ
فيْ الْوَغَى شعْريْ أبيَّا

أنْظُمُ الْرَّوْيَّا سِياطاً
يَلْفَحُ الْظُّلْمَ الْعَتِيَّا

9-
هَلْ تَريْنَيْ يا اوُغُسْتا
نَهْشَلاً يَهْدِيْهِ غَيَّا

مُسْبِلَ الدَّمْعِ وَزَيَّا
أغْمَدَ الْسَّيْفَ زَنِيَّا

يا تُراها أمْ تَرانِيْ
مُحْرِماً والْذَنْبُ هِيَّ

غِيْضَ شَأْوِيْ يا أخَيَّةْ
فِيْ رُبَى عَيْشٍ هَنِيَّ

هَلْ تَرَيْنِيْ كَالْسَّرابِ
أخْتَلِيْ فِيْكِيْ عِريَّا

أمْ تُراهُ والْمُجُوْنُ
يَحْتَفِيْ إبْلِيْسُ فِيَّا

هَلْ ذُرَى قَابِيْلَ مِنِّيْ
يَجْتَبِيْ رَفْدَ الْجِزِيَّةْ

أمْ ثَرَى فِرْعَوْن نادى
وَيْلَكُمْ أيْنَ القَضِيَّةْ

هَلْ سِفاحُ القُرْبَ أرْزى
أمْ حُرُوْبٌ هُرْقُلِيَّةْ

يُقْتَلُ الأطْفَالُ عَمْداً
يَنْسِفُ الْجُوْرُ الْذَرِيَّةْ

تُقْصَفُ الأعْمَارُ قَهْراً
تُنْكَحُ الْأسْرَى مَليَّا

لَسْتُ فِيْ الْدُّنْيا رَسُوْلاً
إنْبرى يهْديْ الْرَّعِيِّةْ

لَسْتُ رَبّاً للْبَريَّةْ
أجْمَلَ الإنْسَانَ زيَّا

أوْلَمَ الظّبْيَ الرَّهِيْفَ
فِيْ جُموْعِ الذِّئْبِ نَيَّا

مُضْمِراً فِيْهِ لِحَاظاً
مِنْ رِمَاحٍ سَمْهَرِيَّةْ

مُعْتِقاً فِيْها ثِمَاراً
واجْتَبَى خَمْراً زَكِيَّا

أرْدَفَ الْأُنْثَى لُباباً
مُوْرِقَ الْزَّهْرِ الْنَّدِيَّ

فَاخْصُبِيْ يا رَوْضُ مِنِّيْ
وَارْجُمِيْ إنْسِيْ وَجِنِّيْ

لَسْتُ كُهَّانَ الْسَّرَايَا
فِيْ الْرَّدَى صَكّاً لأنِّيْ

لَسْتُ مَنْ سَنَّ الْخَطَايا
وارْتَدَى ثَوْبَ التَّمَنِّيْ

لَسْتُ حَمَّالَ الْرَّزَايا
فِيْ مَتاهَاتِ التَّجنِّيْ

لَسْتُ رَبّاً لِلْبَرِيَّةْ
مُبْدِعاً إنْساً وأَنِّيْ

عَاشِقاً غَمْرَ الْعَذَارَى
عَاكِفاً فِيْهِنَّ ظَنِّيْ

10-
غَيّبَ الْرُّهْبانُ نَعْشِيْ
سَوْسَنَ الْحَقْلِ النَّدِيَّ

أمْ تُرَى شِعْرِيْ تجَلّى
مُنْغِصَ الْدَّيْر الْتَّقِيَّ

وانْبَرَى غَرِدٌ يُمَنِّيْ
للْثَرَى لَحْدَ الثُّرَيَّا

هَلْ تُرَى الْأجْرَاسُ تُبْكِيْ
أسْعَدَ الْعُذَّالَ بِيَّ

حَلِّقُوْا بِيْ فَوْقَ هَمْدٍ
قَدْ ضَحَى يَوْماً عَجِيَّا

إنْسِروْا لَحْمِيْ غَرُوْباً
وانْسِلُوْا عَصْراً رُقِيَّ

مَجِّدُوْا بَعْدِيْ عَباباً
مِنْ غَثاء الْشِّعْرِ قَيَّ

وَارْفِدُوْا قَبْرِيْ شُرُوْقاً
عَبْرَ فَجْرٍ سَرْمَدِيَّ

عَمِّدُوْا بيَّ الْنُّذُوْرَ
عِنْدَ مَارِيْ الْمَجْدَلِيَّةْ

وانْحِتوْا جَيْدَ الْعَذارَى
والْرُؤُوْسَ الْمَرْمَرِيّةْ

رَصِّفوْها فوْق قبْريْ
والْشِّفاهَ القُرْمُزِيِّةْ

جَلِّلُوْا لَحْدِيْ وُرُوْداً
وانْحَرُوْا غَمْطَ الْبَرِيَّةْ

وازْرَعُوْا الْغِيْضَةْ عُلُوْماً
تَنْجُبُ الْأرْضُ الْزَّكِيَّةْ

هَلْ تَداعَتْ لِلْظِباءِ
كُلَّ ذِئْبَانُ الْبَرِيَّةْ

يَوْمَ زُفَّ الْطَّيْرُ نَحْراً
وَاعْتَلَى الْصَّرْحَ القَصِيَّ

هَلْ أرَى الْدَّمْعَةْ وروْداً
تَنْزِفُ الْأغْصَانُ لِيَّ

أمْ تُراها آنَبِيْلا
ترْدِفُ الْأحْضَانَ دِيَّةْ

هَلْ تُرِيْ الْحَسُّوْنَ عُذْراً
مُوْقِناً لِلْصّبْرِ غِيَّةْ

أمْ ذُرَى الْأثْداءَ قَبْرِيْ
تَرْتَعيْنيْ كالْضَّحِيَّةْ

أمْ تُراها تَرْتَجِيْ
غَمْضُ إسْرَارَ الْخَطِيَّةْ