Thursday, August 27, 2015

أخ يا بلد ... الدولة الفاشلة

أسخرية ضحكتُ أم ألماً لا أدري، لكن دمعي الذي تصخّر في المآقي واحتضار لعنة كتمتها في العروق لم يكونا إلآ نذير بركان من الغضب والحزن وقد تحول لأمراضٍ عششت في أجسادنا ونخرت عظامنا عبر سنين عجاف طوال.
مهزلة أن أرى رئيس الوزراء يخاطب ما تبقى من الشعب اللبناني قائلاً بنبرة لا تخلو من اليأس: (يجب على مجلس الوزراء إتخاذ قرارات مهمة بشأن ما وصل إليه حال البلد وخاصة قضية النفايات وإلآ سيُعتبر لبنان من الدول الفاشلة)، وهل من المعقول أن يُعتبر لبنان من الدول الفاشلة وهو لا يستطيع حلّ مشكلة النفايات على أنواعها؟ العضوية والسياسية والإقتصادية فالإجتماعية والسياحة الجنسية وليس أخيراً النفايات الطائفية التي يعج بها بلد الأرز.

يا سيدي لبنان بلد مُرتهن بأكمله إلى الخارج، دلني على سياسي لبناني ليس عميلاً للغرب أو تابعاً لدول الخليج أو خادماً لدول إقليمية، بلد لا يستطيع نوابه المُنتخبين من قبل الشعب إنتخاب رئيس جمهورية دون تدخل من الدول الإقليمية والغربية، وتقول لي دولة فاشلة إن لم تُحلّ مشكلة النفايات!.
حقيقة لا أعلم ما هو عمل الحكومة اللبنانية تحديداً غير إصدار جوازات السفر وتحصيل الغرامات وجني الضرائب وتقاسم المشاريع فيما بينهم وزيادة رواتب نواب الأمة ووزرائها والمناكفات السياسية والطائفية بينهم على حساب ودم الشعب اللبناني وصحته، فمنذ 2008 وحتى يومنا الحالي لم تُقدم الحكومات التي تعاقبت على الحكم (على أنواعها) أية حلول بشأن المشاكل العالقة منذ .. الأزل، فمازال الدين العام يتفاقم كما عجز الموازنة، ولا ننسى أم المشاكل الكهرباء، إرتفاع الأسعار الجنوني، انعدام فرص العمل، تلوث مياه الشفة واضطرار المواطن لشراء ماء للشرب، الطبابة وهمومها، تزوير الأدوية، ضمان الشيخوخة، التلوث على أنواعه بحراً براً جواً، الطرق والبنية التحتية، انعدام مشاريع التنمية في المناطق الفقيرة (مشاكل طائفية)، مشاكل التعليم، فساد السجون، غلاء السكن، الفساد الحكومي والسياسي  الخ... (سامحيني أيتها المشاكل التي لم أذكرك) مشاكل لا تُعد ولا تحصى تدفع بالشباب اللبناني من الجنسين للهجرة والهروب من لبنان  للعمل في بلاد الله الواسعة.
ليست مشكلتنا يا سيدي هي النفايات لكنها القشة التي قصمت ظهر البعير ليس إلآ، المشكلة أنك تقرّ بأنك لا تستطيع فعل أي شيء وبأنه لديك خيار الإستقالة الذي تُهدد به منذ فترة ولا أظنك قادراً على تنفيذ هكذا قرار والسبب كما يعرف الجميع أن الإستقالة في لبنان كما التعيين تأتي أوامرها من الخارج وليس من رجالاته.
نعم يجب حلّ مشكلة النفايات، تلك (النفايات) التي رزخت على صدور الشعب أسابيع طوال امتلأت بها الحواري والأزقه، جبال من النفايات كانت ومازالت سبب لانتشار الحشرات والقوارض، تلك النفايات التي اختلف على مضغ إيرادها أهل السياسة في لبنان كلٌ يُريد نصيب من كعكتها التي تبلغ قُرابة المليار ونصف من العملة الخضراء، لكن لو فكّرنا في الأمر قليلاً لعرفنا أن مشكلتنا الحقيقية ليست النفايات المنتشرة والحشرات التي تفاقم وجودها بسبب العفونة والروائح المُضرة والأمراض الناتجة عنها، فمنذ تكوينه تأسس لبنان على نظام طائفي واجتمع تحت سقفه 18 طائفة مختلفة كل طائفة منها تريد حصة من جبنته، فهذه الطائفة لرئاسة الجمهورية وتلك لرئاسة النواب وغيرها لرئاسة الوزراء وهلم جراً، لذا فقد أصبح الساسة ممثلين لطوائفه ومهيمنين على مقدرات الوطن، دخلت المُحاصصة إلى كل الوزارات وجميع الوظائف العليا والدنيا وانتشرت الواسطة والمحسوبية في أرجاء الجمهورية لتُكوّن زعامات محلية وبيوتات سياسية تربّعت على عروشه منذ الإستقلال وحتى يومنا هذا، إنتشر الفساد بسبب عدم وجود مُراقبة ولا مُحاسبة، من يجرؤ على محاسبة زعيم طائفة؟
لبنان بلد فاشل بإمتياز منذ بدء التكوين شئنا أم أبينا طالما أن الطائفية وهذه الزعامات موجودة، أم أن لك رأي آخر يا سيدي؟

No comments:

Post a Comment