Sunday, September 6, 2015

ماما أوروبا .. ماما ميركل

يقولون أنّ عصر المعجزات قد انتهى وانتفت الحاجة إليه بإنتهاء زمن الأنبياء، لكن للحق وللتاريخ أسجّل بأن المعجزات مازالت تعشش بيننا كالجهل والتخلف الذي مازالت تعاني منه بعض شعوبنا العربية، فها هي معجزة جديدة تطلّ علينا عبر شاشات التلفزة المختلفة ومن خلال صفحات الجرائد والمواقع الإلكترونية، وهي الصدر الأوروبي الحنون وقلب الغرب الرؤوم.
تلك القارة التي أصبحت فجأة تُنادى بـ "ماما أوروبا أو ماما ميركل" من قبل شعوب منطقتنا العربية، والسبب في هذا إصدار مجلسها في إجتماعه الأخير في بروكسل رزمة قرارات تحثّ دول أوروبا على تسهيل إستقبال الهاربين من آتون الحرب السورية، ومنحهم حق اللجوء الإنساني وتوزيعهم بنسب متفاوته بين دولة وأخرى، كما تعطيل العمل بإتفاقية دبلن التي تنص على تقديم طلب اللجوء بأول بلد أوروبي يحطّ به اللآجئ رحاله، ويسمح تعطيلها بمرور هؤلاء اللآجئين بحراً عبر اليونان والمجر وغيرها وحتى وصولهم للبلد المنشود تقديم اللجوء إليه، بالطبع جاء التهليل والتمجيد عربياً وغربياً من قبل الكثير، وكل المهللين أعتبروه نصراً لرأيهم القائل بأن الغرب هو مقياس للرقي الأخلاقي والإنساني، وتناسى هؤلاء أو تغاضوا في غمرة التصريحات المُهللة أن هذه الدول والحكومات كانت السبب في إدامة عمر الأزمة السورية لسبب أو لآخر وبأنهم أغمضوا ومازالوا أعينهم عما حصل ويحصل لهذا الشعب من قتل ممنهج منذ أربعة سنوات ونصف.
أين كانت هذه الدول عندما كان الشعب السوري ومازال يُقصف بالبراميل المُتفجرة؟
أين كانوا عندما كانت ومازالت الصواريخ تُمطر فوق رؤوس الشعب في المناطق والمُدن التي أُعتبرت محررة من النظام ؟
أين كانوا عندما ارتكب النظام السوري مجازره الطائفية في قرى بانياس ودرعا وحلب وحمص والقصير ويبرود وغيرها والتي تسببت بقتل مئآت الأطفال والنساء وتهجير مئآت الألوف من تلك المناطق؟
أين كانوا هؤلاء من المجازر الكيماوية التي أثبتتها تقارير الأمم المتحدة وممثليها في الغوطة والتي كان ضحيتها المئات من سكان المنطقة بسبب استنشاقهم لغازات سامة ناتجة عن هجوم بغاز الأعصاب وفي غيرها من المناطق. ولماذا تغاضوا عنها؟
ألم يرى ساسة أوروبا وشعبها أشلاء الأطفال المُتناثرة وبطون الحوامل المبقورة خلال هذه السنوات الماضية؟ ألم يرى هؤلاء الساسة ألوف الأطفال وأمهاتهم وقد أحرقوا أحياء؟
هل نسى هؤلاء موت ما يُقارب من 500 ألف سوري واختفاء 250 ألف سوري وتهجير أكثر من أربع ملايين سوري لدول الجوار؟
لماذا أغمض الغرب عينيه عن مآسي الشعب السوري؟
لماذا لم تتدخل الأمم المتحدة لحماية هذا الشعب، خدمة لمن؟ أليست الأمم المتحدة مسؤولة قانونياً عن وقف الصراعات في المناطق المختلفة وحماية شعوبها؟ لماذا رفضت أميركا إقامة مناطق آمنة ما السبب وخدمة لمن؟
ما الذي دعى ساسة من الكيان الصهيوني للحث على إحتضان اللاجئين السوريين في فلسطين المحتلة؟ أليس أهل فلسطين من اللاجئين أحق بهذا الإحتضان؟؟؟
ما الذي أيقظ الغرب الآن وجعلهم مهتمين بهذا الشعب المكلوم؟ ما السبب؟
هل فعلاً صورة الطفل الشهيد "آيلان" الذي غرق مع أخيه "غالب" وأمه على شاطئ بودروم في تركيا أيقظت مشاعر الأمومة لدى ميركل وغيرها من رؤساء الدول الغربية، أم أن هناك أمر آخر؟ 

لما لا تساهمون بإزالة الأسد ونظامه بدل حمايته ؟ أليس هذا أوفر لكم أم ما الأمر؟
إن صور القتلى والشهداء من الأطفال السوريين وأهل بورما من المسلمين تملأ الجرائد والمواقع الإلكترونية المختلفة ومنها ما تقشعر له الأبدان ويدمي له الفؤاد لقسوة ما به والعديد منها لأطفالٍ فقدوا رؤوسهم وأنصاف أجسادهم ولم تحرّك أي من تلك الصور ضمير العالم الغربي أو مشاعره لمدة خمس سنوات. ما القصة إذن؟

No comments:

Post a Comment