Saturday, May 16, 2015

الماء والحياة والقرآن الكريم

الماء والحياة

تبدأ شربة الماء، التي نتناولها متنقلة بين السماء والأرض... ثم عائدة في عكس حركة الزمن إلى التاريخ القديم في سيره الدائم إلى الوراء حيث بدا الكون، وخرج الماء من الأرض، وكان أصلاً لكل شيء حي إذ بدون الماء لا وجود للحياة وصدق الله العظيم حينما قال عن الماء "وجعلنا من الماء كل شيء حي".


في مقالي هذا أتحدث عما ذكر بالقرآن الكريم بالنسبة للمياه وخواصها الطبيعية والفيزيائية والكيميائية والتي بالطبع كشف عنها العلماء في زمننا الحالي وسوف نرى بأن القرآن يتحدث عن أنواع المياه بدقة فائقة ويصنفها بما يتناسب مع درجة نقاوتها ويعطي كل منها التسمية الخاصة بها والتي نعرفها حالياً، وقد ثبُت علمياً الفوارق الكبيرة بين هذه الأنواع، وهذا ما سنعيش معه الآن من خلال الفقرات الآتية. لنتعرف أولاً على الخواص الكيميائية والفيزيائية للماء

التركيب الكيميائي للماء 
يتكون جزئ الماء من ارتباط ذرة أكسجين بذرتي هيدروجين لتكوين رابطتين تساهميتين أحاديتين الزاوية بينهما 104.5 درجة ، ونتيجة لكبر قيمة السالبية الكهربية للاكسچين مقارناً بالهيدروجين تنشأ بين جزيئات الماء القطبية نوعاً من التجاذب الكهربي.
الحالة الفيزيائية للماء
يغطي الماء 70% من كوكب الأرض ويوجد الماء في الطبيعة على ثلاث حالات فيزيائية
الحالة السائلة: كمياه البحار والأنهار والبحيرات والمياه الجوفية
الحالة الصلبة: كالثلوج والمسطحات الجليدية
الحالة الغازية: بخار الماء المنتشر بالأجواء.
الماء في القرآن
هناك الكثير من الآيات الكريمة تتحدث عن المياه وتصفها بأوصاف مختلفة فمنها الماء الطهور ومنها العذب الفرات ومنها الأجاج، والمتأمل للآيات الكريمة في القرآن سيأخذه العجب من التفصيل في الدقيق لأنواع الماء، فالماء الطهور ذكر في معرض الآيات ليس للشرب وإنما للطهارة، والعذب الفرات ذكر للشرب والأجاج ذكر لملوحته الشديدة، فما الفرق بين هذه الأنواع وعلى ماذا تدل:

الماء الطهور: وهو ما ينزل بالمطر وأنزلنا من السماء ماء طَهوراً
ما هو هذا الماء الذي قال الله عنه بأنه طهور وما الفرق بينه وبين انواع المياه الوارد ذكرها أعلاه؟
إكتشف العلماء أن ماء المطر هو ماء مقطر، و أن هذا الماء النقي له خصائص مطهرة وهو مزيل ممتاز للأوساخ والأوسان ويستطيع تطهير وتعقيم أي شيء، وقد صدق الله تعالى عندما سمّى الماء النازل من السماء بالماء الطهور، وهي تسمية دقيقة من الناحية العلمية، ولكن لماذا هي طهور ومعقمة؟ لأن مياه الأمطار قد إنتقلت من البحار والأنهر في عملية تسمى التبخير وهي إنتقال الماء من الحالة السائلة إلى بخار الماء عندما تتسبب حرارة الشمس في تبخر الماء من المحيطات وغيرها من المسطحات المائية

الماء الفرات: وهو ما نجده بالينابيع والأنهر والجداول وغيرها مما يخرج من باطن الأرض وبعض الآبار، وَأَسْقَيْنَاكُمْ مَاءً فُرَاتًا.
إن الماء الفرات هو ماء عذب ومستساغ لأنه يحتوي على نسب مختلفة من المعادن وهي التي تجعل من طعم الماء حلواً سائغاً للشرب، وهذا لا يناسبه سوى كلمة عذب فرات في القرآن، فالماء عندما ينزل من السماء يكون طهوراً ومن ثم يمتزج بالمعادن والأملاح في طريق جريانه في الأرض ليصبح فراتاً اي مستساغاً للشرب، ولا يستخدم الله عز وجل كلمة طهور عندما يتحدث عن مياه الأنهار والينابيع، لسبب أن مياه الينابع والأنهر تحتوي كما ذكرنا على العديد من البكتيريا وحتى الجراثيم والمعادن بنسب متفاوتة لكن مياه الأمطار لا تحتوي على أي من هذه المعادن وغيرها وإنما هي نقية و معقمة طبيعياً.
الماء الأجاج: هو ماء البحار والمحيطات وقد ذكره الله في القرآن بعدة ايات ومنها وَمَا يَسْتَوِي الْبَحْرَانِ هَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ سَائِغٌ شَرَابُهُ وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ
من المعروف أن مياه البحار والمحيطات هي مياه مالحة ولكن درجة ملوحتها كبيرة ولذلك سماها الله ملح أجاج أي أن ملوحتها زائدة لدرجة تأبى النفس البشرية شربها، ولكن من المعروف أن مياه الشرب العادية التي تؤخذ من الأنهر والينابيع وغيرها من المياه القابلة للشرب تحتوي بلا شك على نسبة من الأملاح ولكن هذه النسبة تعتبر خفيفة لدرجة أن الإنسان لا يشعر بها على الإطلاق ومن هنا جاء التأكيد في القرآن على أن مياه البحر تتكون من ملح أجاج.

لماذا نتكلم عن المياه، وأصنافها؟ كل ماذكرته أعلاه هو مدخل ومقدمة للوصول إلى ما أريد قوله هنا في هذه المقالة التي أعددتها لتبيان إعجاز القرآن وبأنه هو كلام الله وعلاقة الله سبحانه وتعالى بالخلق، نحن نعلم بالطبع أن القرآن نزل على سيدنا محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم على مدى سنوات عديدة في زمن لم يكن هناك علوم فيزيائية ولا كيميائية لتبيان الفروقات بين أنواع المياه وصفاتها وحالاتها، علماء الفيزياء والكيمياء لهذا الزمن هم الذين إكتشفوا خاصية مياه الأمطار وهم الذين قالوا أن مياه الأمطار النقية هي مياه مقطرة ومعقمة تستخدم في الطب وأن هذه المياه خالية من الفيروسات والبكتريا، وهي أيضاً مياه تمتلك خاصية امتصاص المعادن والغازات والغبار وأي مادة تصادفه بنسبة كبيرة، لذلك فهي مادة مطهرة للجوّ أيضاً.

إن الله سبحانه وتعالى في القرآن الكريم يقول وجعلنا من الماء كل شيء حي، اي أنه يبلغنا بلاغاً إعجازياً بأنه دون الماء لا وجود للحياة، لا وجود للبشر لا وجود للحيوان لا وجود للنبات ولا وجود حتى للبكتيريا وغيرها من الكائنات الدقيقة التي لا تُرى بالعين المجردة، علماء الفضاء والكون في ناسا يحاولون إكتشاف الكواكب التي من الممكن أن تكون قابلة للحياة وهم وضعوا شرطاً لما يعنونه قابلة للحياة وهو أن يكون هناك ماء سواء على أي حالة من حالاته الفزيائية سواءاً السائلة أو الصلبة أو الغازية لماذا؟ لأنهم يعلمون أنه بدون الماء لا يمكن أن توجد حياة على أي من الأجرام السماوية في هذا الكون الفسيح الأرجاء، من علم محمد أصناف المياه وخواصها ومن علمه أنه دون الماء لا توجد حياة؟

No comments:

Post a Comment