Thursday, June 28, 2012

عبد الرحمن

كعادتنا في كل مساء وبعد الإنتهاء من صلاة العشاء وتناول الطعام أمضي بعض الوقت في ملاعبة الأطفال، ومن ثم إعداد القهوة تحضيراً لجلسة المحادثة الليلية عبر الإنترنت مع أخي الأصغر الذي مازال يقطن في أوروبا "السويد تحديداً" حيث نتداول ما أستجد من أمور وأخبار في منطقتنا العربية كما شؤون العائلة وما يطرأ من أمور معيشية وغيرها، لكن الليلة الماضية لم تكن الأمور كعادتها في الأمسيات.

لم يكن صوته يخلو من الحزن بل ومن نبرة غضب عندما بدأنا في إلقاء السلام والترحاب المعتاد، كدت أبادره بالسؤال عما به إلآ أنه سبقني إلى القول والتساؤل: هل تعرف عبد الرحمن فسألته أيهم وعبيد الرحمن والحمد لله كثر، لم يضحك كعادته لكنه أردف قائلاً هو أبن رضوان، فأجبته بنعم أعرفه إذ أنني شاهدته منذ فترة قصيرة في مكتبي عندما جاء لبعض شؤونه.

شاب لم يتجاوز الثالثة والعشرين من عمره، أعرفه منذ أن كان في اللفة كما يقال طفلاً رضيعاً لم يتجاوز الشهر أو أقل ... في عينيه نظرات محببة لكنها غريبة وأكاد اقسم أنني لم أتوقع لحياته أن تستمر، لا أعرف إن شعر أحدكم بهذا الشعور والحدس من قبل، أو مرّ سابقاً بشيء مشابه لما أقوله ... إذ أنه شعور لا يستطيع المرء وصفه بالكلمات ولكن أقرب ما أستطيع أن أصفه هو التالي: أنني كلما نظرت في عينيه أجد الموت رابضاً وكأنه يلاحقه "غريباً ما أقول لكنها الحقيقة" .

لقد قتل ...
كانت كلماته أمرٌ ... لا أعرف كيف يستطيع الإنسان وصفه لكن ربما المياه الحارة أو لنقل المغلية أقرب شيء لها وقد صُبت على قلبي ورأسي، لا تمزح معي بهذا "إذ أنني كما يعلم الجميع أو بعضكم أب فقد إبنته في يوم من الأيام " وأعلم مقدار الألم الذي يسببه موت الأبن لأمه وأبيه فما بالك بكلمة قُتِلَ، كلمة سهلٌ نطقها لكنها ثقيلة على السمع غير محببة على الإطلاق لأنها تحمل الكثير من آيات المعاناة والشقاء والدموية، قُتِلَ ... لو مات بمرض أو بسكته قلبية كما نقول أو دماغية أو حتى حادث سيارة ... وهي أمور تحدث كثيراً وقد حصلت للعديد ممن أعرفهم شخصياً، لكن قُتل ... وكيف بسكين غُرز في قلبه ... لا إله إلآ الله، من هذا الذي يجرؤ على طعن شاب صغير في قلبه ؟؟؟ ولماذا ما الأمر ؟؟؟ 

شباب من حيه بينه وبينهم خصومات قديمة أساسها حبه لفتاة في الحي، ربما هم لم يعودوا يذكرون كيف بدأت هذه الخصومة، شباب بعمر الورد بينهم خصومة سابقة تطورت من شتائم إلى غرز سكين بقلب شاب لم يتجاوز الثالثة والعشرين من عمره، لن أتكلم عما حصل معي ... ولن افرد مقالات بهذا الخصوص لكنني تساءلت بيني وبين الدموع التي واكبت تساؤلاتي أين كان الأهل من هذا الأمر؟؟؟ من هذا الشاب الذي تعودت يداه على القتل بكل هذه البساطة، كيف تم تربيته ماهي بيئته، من هم أهله ما مستوى ثقافتهم إدراكهم أخلاقهم دينهم ... وهل هناك فتاة تستحق أن يُقتل شاب من أجلها؟؟؟ العديد من الأسئلة تجاذبتني وأطاحت بي فلم يعد بإمكاني تكملة المحادثة بيني وبين أخي ... إعتذرت منه وتأسف لي ... وأكملت الأمسية وأنا أنظر إلى السماء من نافذة غرفتي...

صباح اليوم الباكر عرفت من مصادري أن الشاب إلتجأ إلى مخفر التل هرباً من قاتليه لكن الشرطة رفضت إستقباله وفتح الباب له .... فكان أن لاقى مصرعه أمام باب المخفر المغلق ..

No comments:

Post a Comment