Wednesday, July 4, 2012

العرب ثقافة الجاهلية

قرأت مقالات عدة تتكلم عن أمة العرب وتصفها بأوصاف أقلها بانها أُمة جاهلة لا تاريخ لها ولا ثقافة أمة أكثر رجالها بدو يعيشون على الفقر وقلة الزاد والغذاء وبأن حروبهم ومفاخرهم كلها تقوم على القتل والسرقة ونهب القبائل والعشائر في زمن كانت به الحواضر من الأمم تعيش في رخاء إقتصادي وحضارة ورقي لم تنعم به الأمة العربية في ذاك الزمن.

لا ينكر عاقل بأن الحضارة أية حضارة تستلزم مقومات وأهمها التمدن والإستقرار وهذا الأمر لم يكن ليتوفر في الجزيرة العربية ذات المناخ الصحراوي الشديد القيظ صيفاً والبارد شتاءاً عدا عن قلة المياه بل وندرة وجودها في بعض المناطق من الجزيرة العربية ولكن هذا لا ينكر وجود بعض المدن والحواضر والقرى التي أسست في الجزيرة والتي اعتمد بعضها على التجارة والصناعة أو الزراعة أو كليهما معاً في بعض المناطق من الجزيرة العربية، مثل الطائف، مكة، يثرب في إقليم الحجاز و عدن و عُمان وغيرهما من المدن القديمة جداً مثل مأرب وهذه وغيرها حواضر عربية قديمة جداً تعود لعصور وأزمنة لم يدونها التاريخ وإنما تدور حولها في الغالب أساطير تُروى في أشعار العرب وقصصهم وغالباً في مفاخرهم القبلية.

يهمني هنا في هذه المقالة الموجزة أن أتكلم عن الثقافة العربية قبل الإسلام وتعريفها.

بالنسبة لي الثقافة العربية قبل الإسلام كانت متواجدة في صور عديدة منها الشعر، الخطابة والحكمة والقصص والمرويات التي تناقلتها الألسن وإن لم تدون بالسطور والكلمات المكتوبة، فسكان الجزيرة العربية بأكثريتهم كانوا أميين لا يستطيعون القراءة والكتابة ولقد إستعاضوا بالذاكرة القوية وبالفصاحة البديهة عن هذه الأدوات التي تعتبر من مقومات المدنية وبالطبع من أساسيات الحضارة، بالتالي تم تدوين وتأريخ معظم الحوادث والحروب التي جرت في قصائد شعرية صاغها الشعراء لا بقصد التأريخ ولكن بقصد المفاخرة والحماسة والهجاء وهذه القصائد كثيرة لا تعد ولا تحصى مليئة بها دواوين أشعار العرب الجاهلي قبل الإسلام ومنها إستقى العرب بعد الإسلام وبعد إستيطان وتطور المدنية معلوماتهم لكتابة تاريخ العرب في الجاهلية ومن أشعارهم أيضاً الغزل الذي تميز بالعفاف والحياء وبالرسوم والأطلال نتيجة للتنقل والترحال الذي صاحبا البدوي في بحثه الدائم عن الكلأ والمرعى ومما أُشتهر به العرب أيضاً دقة الوصف في أشعارهم والطابع الحسي المرهف الذي ترجمته الكلمات في كل ما يصادفه في بيئته الصحراوية سواءاً من جمال أوقبح ومن أشد ما تعرض له الشعر الجاهلي هو الرثاء الصادق النابع من الجلد والصبر والبعد عن التهويل. من المشهور عن العربي الكرم والشجاعة والعفاف والصدق والشهامة والوفاء وحب الحرية والإنطلاق وبالتأكيد كان لديهم مساوى منها الغزو والنهب وشرب الخمر ووأد البنات.

لقد إحتفظ لنا الشعر الجاهلي باللغة العربية دونما وجود ألفاظ غريبة أو أعجمية ذلك أن العرب في الجزيرة العربية لم يختلطوا بغيرهم من الأمم المحيطة بهم لذلك أسموه ديوان العرب، و كان لديهم أسواق تقام عند المواسم ومنها سوق عكاظ ولم تكن هذه الأسواق للتّجارة فقط ، بل كانت للتّحكيم في الخصومات والتّشاور في المهمّات وكانت أيضاً للمفاخرة والتحدّي بالشعرومفاداة الأسرى .

No comments:

Post a Comment