Sunday, February 24, 2013

فتننة النساء

ليندا، هذه السمفونية الكامنة في أرضِ الشّمال، تُجدّلُ خصلاتَ الذّهب الموشّح بالماس شعرها، ويدور في محْجريها الزمرّد، بدت في ناظري وفستانها الأسودُ الصغير كنحيتة مرمرٍ صُبّت في أبنوس أسود، وهذا المبسمُ الذي يجاورُ فمي بدا كزُرارِ وردٍ أزهرَ في حقلِ ياسمين، لم أرى ما يُضاهيها في محفلِ إنسٍ ولا جان، دَنت لبُرهة مِن أذني ونحنُ نرقصُ هامسة: 
-  ماذا لديكَ الليلة؟ ..
شعرتُ بدبيب الخدر يسري بأوصالي، وكأنّ للنّارِ مكامنَ في عروقي حيثُ بدأت نيرانها تسري مع دمي إلى عقلي وقلبي، .. أجبتها دونَ وعي ..
-   أنتِ ما لديَّ، .. لا شيئ إلآكِ .. لِمَ؟
لم تُجب، لكنها وضعت ذراعًا حول عنقي، وطبعت في صمتٍ قبلةً على شفتيّ، بعدما أرخت للفتنةِ جفنها.

وكأنَّ لِلّريْحِ أحْلامًا تهادتّ
وعطوْرًا نَدَتّ مِنْ أضْلُعيْ
فبدا الْحفْلُ أماميْ كفرْدٍ
ينْظرُ جمْعًا وقسْرًا معيْ
وإذا الْغيْثُ تبدَّلَ صحْواً
وإذا الْرّعْدُ صدى أوْجُعيْ
ونما الْقيْظُ بجوْفيْ الْنّديِّ
وفرَّتْ دمائيْ مِنْ أذْرعي


لم يُفارقُ ذهني خيالها، ذاكَ الذي بدا لي شاحِبًا وراءَ النافذة، وهي تُحدِّقُ بي، ونيرانُ أدمُعها تَنسابُ على خَدها، كأنها بعدَ مضييِّ تلحّفت وجهها بيديها وانسابت تنتحبُ كطفلٍ صغير، أم تُراها مازالت هناكَ تُعانقُ الأفقَ بعينيها، حيثُ الظلامُ يفترسُ المحيط، وحيثُ سكون الليل أمسى كالغريق،... كيفَ هي يا تُرى؟، تراءت لي بعضَ شجيراتٍ بعيدةٍ كأخيلةِ جانٍ يرتصفون الأفق، وبعض أكواخٍ بدت من بين الضبابِ أضواؤها الثّكلى تُنير بخجلٍ بحيرةٍ ساجيةٍ على يمين الطريق...
 
وكأنَّ للّيْلِ شخوْصًا بدتّ
خيالاً وجانًا لتسْريْ معيْ
وفكْريْ أراهُ وراءَ الْنّجوْمِ
وخلْفَ الكوْنِ بدا مضْجعيْ
ألا ليْتَ حُلْمًا تغشَّاهُ ليْليْ
فأبْقى لفجْرِ الْنّدى أدْمُعيْ

No comments:

Post a Comment