Sunday, September 6, 2015

ميكافيللي وعهر الساسة في لبنان

العهر في اللغة رديف للبغاء، لكنه في السياسة مصطلح يتبادله أهلها للتعبير عن تفوّق هذا السياسي أو ذاك على أقرانه وربما على نفسه بأحيانٍ كثيرة، والساسة في وطني لبنان يتربعون على عروش العهر ويتفوقون على أقرانهم في بلاد الله الواسعة غرباً وشرقاً منذ أمد بعيد، بل إنهم يُعلّمون ميكافيللي وأبالسته الدهاء والخِسّة فينزوي وأقرانه وينكفئ مُحرجاً مما يتعلمه منهم.
فمن يستمع في الإعلام المرئي ويقرأ في المكتوب منها عن تصريحات لنواب الشعب اللبناني وزعماء طوائفه في معرض حديثهم عن الحراك المدني والتظاهرات الشبابية المُطالبة بحلول مؤقتة أو جذرية لبعض المشاكل المعيشية يجد في كلماتهم التأييد التام لهذا الحراك بل وإصطفافهم معه وتقديم النُصح للمجتمع المدني وتحذيرهم من أن يتم إستغلال تحركهم البريئ هذا من قِبل بعض الأحزاب السياسية أو الطائفية، وكأن المجتمع المدني الذي ثار شبابه وشاباته للمطالبة بأقل حقوقهم في العيش الكريم سواءا بموضوع النفايات أو الكهرباء أو الغلاء أو غيرها من الأمور ومنها إنتخاب مجلس نواب مدّد لنفسه مرتين ورئيس للجمهورية، لم يثر على هذه الطُغمة المُجاهرة بتأييدها ونصحها لهؤلاء المُتظاهرين.
في الحقيقة يعجز اللسان والقلم عن وصف السياسي اللبناني فلا يوجد في لغتنا العربية ما يُمكن أن يعبّر عن الحالة التي تصفهم سوى العهر (أنا لم أجد بصراحة)، فهذا يُقدّم النصائح وذاك يحذرهم من المال السياسي وآخر يحثهم على الصمود وغيره يُطالبهم بعدم الرضوخ لأي تسويات لا تُحقق مطالبهم، كأني بهم ليسوا هم المقصودين أو السبب الذي من أجله انتفض هؤلاء الشباب والشابات للتظاهر وليسوا هم المُتسببين في هموم ومشاكل الشعب اللبناني وما وصل إليه المجتمع السياسي برمته من الفساد والإنحلال على كافة الصعد.
الشباب اللبناني ليس لديه ما يخسره، فقد انتفض مُتظاهراً في ساحة الحرية، التي تجمع بين أفئدة الوطن من شماله لجنوبه ومن بقاعه وهرمله إلى متنه وجباله، انصهرت قلوب أبناء الوطن في حركة مدنية سلمية للمُطالبة بأقل وأبسط حقوق البشر، الحق بالعيش الكريم، الفساد لا ملة له ولا دين فكل الساسة تلوثت اياديهم به بشكل أو بآخر ولا عصمة اليوم إلآ لنبي، وكل زعيم منهم يترأس مافيا، الشعب اللبناني يؤمن بالديمقراطية والتغيير السلمي ويعتمد الصناديق الإنتخابية ويتخذها دربا لتحقيق ما يريده من دولة المؤسسات والعدالة الإجتماعية المختطفة، فالنظام اللبناني الطائفي تغوّل لدرجة لم يعد الكثير من الشعب اللبناني يستطيع تحمل فساده واستهتاره بكرامة وقيم المواطن واحتياجاته المعيشية البسيطة، هذا المواطن الذي استطاع خارج حدود الوطن تقديم إنجازات عجزت حكوماته المتعاقبة على تنفيذها على أرضه وترابه بسبب الفساد المستشري في أوردة الدولة المختلفة.
لا أرى في الأفق حلاً إلآ في بقاء المجتمع المدني مطالباً بحقوقه والوصول إلى العصيان المدني حتى تحقيق كافة مطالب الشعب ... كلها.

No comments:

Post a Comment