Sunday, November 20, 2011

قطع الكهرباء

مكالمة هاتفية
هو ... ألو ... صباح الخير .. أمل
هي ... صباح النور ..إزاي سيادتك
هو ... الحمد لله .. أبوعبد العزيز .. موجود
هي ... موجود ولكن لديه مكالمة خارجية ... سأحول الخط إليه عندما ينتهي من مكالمته
هو ... لا بأس ..كيف أصبحت اليوم؟
هي ... بخير .. بصراحة أنا أريدك بمشورة
هو ... أهـ .. خير إنشاء الله .. أنا تحت أمرك
هي ... تسلم يا باشا.. هي خدمة بصراحة..
هو .... آهـ ... بس كله إلآ الفلوس ..
هي ... (ضاحكة) ... لا تخف .. النقود موجودة .. لأ خدمة أخرى
هو ... إذن .. أنا كما قلت تحت أمرك
هي ... نحنا نعلم بعضنا منذ سنتين تقريباً .. أليس كذلك؟
هو ... نعم هذا صحيح .. لكنك لم تريني ولم أراك
هي ... آهـ .. نعم دائماً على الهاتف ..
هو ... هذا .. صحيح .. ولكن ما القصد؟
هي ... أريد دعوتك على الغداء ... لنتكلم بالأمر
هو ... لكنني مشغول هذا اليوم
هي ... لا بأس .. ما رأيك في الغد؟
هو ... نعم الغد جيد .. هل أحضر لمكتب البنك لديكم ؟
هي ... لآ .. هل من الممكن أن يكون اللقاء في موقف السيارات الخاص بالبنك ومن ثم ننطلق؟
هو ... لما لا ... ولكن في أي ساعة؟
هي ... في الثانية والنصف من بعد الظهر .. مارأيك؟
هو ... سأكون هناك ..
هي ... حسناً .. سأحول الهاتف لأبو عبد العزيز فقد إنتهى من مكالمته .. ولكن لا تنسى الموعد
هو ... لا بأس أشكرك .. لا .. لن أنسى


اللقاء ... الساعة تجاوزت الثانية والنصف بدقائق من بعد ظهر اليوم التالي...
هي ... (على الهاتف النقال) ألو..
هو ... أهلاً أمل ... أنا في الموقف
هي ... حسناً كيف سأعرفك؟
هو ... آهـ نعم ... سيارتي سوداء .. كبيرة الحجم من نوع فان ... أين أنتِ؟
هي ... آهـ ... رأيتك ... أنا أشير إليك .. هل رأيتني؟
هو ... آهـ .. نعم
هي ... حسناً إتبعني ... سيارتي لونها حمراء
هو ... حسناً ... طبعاً سأتبعك ...لا بأس

المكان شقة أمل في مجمع سكني ضخم الطابق 9
هي ... تفضل ...
هو ... أمل ... لما لم تقولي لي أن الغداء سيكون في شقتك؟
هي ... لما .. هل كنت سترفض المجيئ حينها؟
هو ... لا بالطبع ... ليس القصد
هي ... إذن تفضل ... سيكون الغداء جاهز خلال 15 دقيقة من الآن ... خذ راحتك

على مائدة الغداء
خلال تناول الطعام بدأت أمل كعادتها بإلقاء النكات المضحكة، هي دائما منذ أن تعرف عليها خفيفة الظل ولديها قدرة على إضحاك من تتكلم معه بكل سهولة.

في الصالة بعد تناول الطعام ... أعدت أمل فنجان من القهوة وجلست قربه تكلمه بما أرادته به

هي ... أنت تعلم نحن نعرف بعضنا منذ سنتين
هو ... نعم .. نعم تقريباً
هي ... أعلم بأنه لديك مشاكل مع أهل بيتك وقد..
هو ... أمل ..كيف عرفت هذا؟
هي ... صدفة .. لم أقصد التنصت .. لكنها مكالمة بينك وبين أبوعبد العزيز ..
هو ... منذ متى تعلمين؟
هي ... منذ ستة أشهر ... ولكن..
هو ... ولكن ماذا؟
هي ... بدأت أفكر بالأمر منذ حوالي ثلاث أشهر
هو ... أي أمر؟
هي ... أن ادعوك لتناول الغداء ومكالمتك بأمر مشكلتي
هو ... آهـ نعم ... صحيح وما هو الأمر الذي تريدينه مني؟
هي ... أنت تعلم ربما أنني حاولت مراراً أن أحضر زوجي للعمل هنا ..؟ وبالفعل جئته بعدة عقود عمل ممتازة لكنه كان يرفضها دائماً
هو ... غريب لماذا؟
هي ... يتعلل بأنه لا يريد العمل هنا ... وبأنه يفضل العمل في الوطن
هو ... إذن لماذا جئت أنت للعمل هنا؟ ... ألم يوافق على مجيئك ؟
هي ... بالعكس هو من دبر عقد العمل لي
هو ... غريب ... كيف يرضى بأن تعملي أنت هنا ويرفض هو بالتالي الحضور للعمل بنفس المكان
هي ... مع انني جئته براتب وفرصة عمل ممتازة لكنه يرفض الحضور
هو ... حسناً ماذا تريدين مني إذن
هي ... هل تذكر منذ فترة ... ألقيت عليك فزورة
هو ... (ضاحكاً) أنت في كل يوم تلقين عليَّ فزورة
هي ... هذا صحيح لكن هذه كانت مميزة
هو ... والله .. ؟ مميزة بماذا؟
هي ... سألتك لماذا تقوم الشركة بقطع الكهرباء عن المدن
هو ... نعم اذكر وقلت لك بأنني لا أعلم يومها
هي ... وأخبرتك ساعتها أنها تقوم بذلك لإكثار النسل .. فإستغربت أنت الأمر وقلت كيف؟ وقلت لك يومها أنه لو افترضنا هناك رجل وامرأة في شقة وإنقطعت عنهم الكهرباء فماذا سيفعلون ..؟ فقلت لي لا أدري ربما يبحثون عن شمعة أو شيء من هذا القبيل ... وقلت لك أنا لا بل هم يمارسون الحب لإكثار النسل
هو ... نعم هذا صحيح ... بالفعل هذا ما أخبرتني به ..


اعتدلت أمل واقفة دون أن تنبس بشفة وأطفأت الأنوار ... إنتهى

10 comments:

  1. هي وهو تمثل لنموذجين وجدا نفسيهما عالقين ليس علي الخط الهاتفي بل علي مسرح الحياة. وكأن للخط الهاتفي جسر تواصل بين الغريبين القريبين في ان . علاقة صوتيةرّت لقاءات التعارف الروتينية واختزلت المسافات الزمنية ليجد نفسه قبالة أمل .أمل احدى تمثلات الهجرة القسرية التي حلت فيها محلّ الزوج الذي ارتكن فيهاللتخلي عن وظيفته الاساسية والاسرية والقوامة فركن خلف الستارة ودفع بالزوجة لخشبة الحياة .وهذه من المعضلات التي تعانيها اسر عربية شتى دون التفكير في العواقب منشغلين فقط بالحفاظ علي مصدر ضخ الاموال دون النظر الي انعكسات ذلك .ومع الوقت يتعود الطرفان علي ادوارهما الجديدة لحدّ التقمصّ الكلّى بل وربمّا رفض العدول عن ذلك. انها احدى مآسي فصول مسرحية الحياة . والتي قد يحولها المرىء الي نكتة يسخر منها وتسخر منه في آن.وما ورود النكتة هنا والتي تعد في الدراسات الاجتماعية احدى المرايا التي تعكس طبيعة تفكير المجتمعات بل وايضا تكون حاملة لتطلعاتها ورغباتها التي قد تعجز عن البوح بها فتتخفي خلف النكتة لتعبرّ عن مرادها .وبالتالي النكتة مثلما تعكس الروح الحية والحيوية للمجتمعات فانها ايضا تبق احدى مفاتيح الولوج الي الثقافة الجمعية الاجتماعية .والتي تجعل من النكتة نوع من الوقوف او القفز علي التابوهات التي يراها مكبلة له .ومن النكتة تسطيع ان تفهم روح المجتمع كما الامثال بالضبط . فالنص وان اضحكني كثيرا الا انه ايضا من نوع الكوميديا الساخرة والناقدة في نفس الحين .

    ReplyDelete
  2. أمال الحامد مدارسي
    ساتناول الموضوع من الوجه الاخر ...ربما لانني لا اجيد التعامل مع زاوية العرض .../هل هذه دلالة على تجانس المجتمع الشرقي مع الغربي من حيث التفاعل الاجتماعي وليس التركيب العنصري ؟؟؟..

    ReplyDelete
  3. سامية الطرابلسي
    هذه وجهة نظر امال حامد وانا احترمها بالتاكيد ولكن الا ترين معي ان هناك فعلا مستجدات خاصة اقتصادية في العالم العربي جلبت وجرت خلفها انعكاسات اجتماعية طارئة علي المجتمع الشرقي وانا هنا اتحدث عن الاسباب قبل ادانة الحالة او الظاهرة .ولكن انت تعلمين جيدا ان هناك ظواهر عدة مسكوت عنها في العالم العربي .والسكوت لم يخفيها بل عمقها ..الست معي في هذا ؟

    ReplyDelete
  4. أمال الحامد مدارسي
    .انت هنا فتحت صفحة بعد طي السالف لها ../؟؟(ليس مسكوت عليها ).....من اشترى الشىء او أهدي له لما يخفيه ؟؟بل يشهر به ../او من دُس السم في شرابه ولم يعلم ..هل نقول انه سكت عليه ..؟؟؟فصحننا امتلأمن مخازنهم ولكن أي النوعية التي اشبعتنا ؟؟هل بنفس الدقة والمتانة والجودة ؟؟هل ينطبق هنا موضوع (النفوس )؟؟؟هل الضحية اذا اشترك في الجريمة مظلوما...؟؟؟؟أم مغفلا ...ام سيجد المعجم العربي ما يناسب ؟؟؟؟هل اسئلتي تخاطب واقع ام تتغنى به ؟؟؟؟

    ReplyDelete
  5. سامية الطرابلسي
    ابدا اسئلتك تخاطب واقع بل ارى فيها من الرؤيةوالروية الشيىء الكثير ولكن هنا اتحدث عن ضحايا التقمص لاقنعة ربما لوكانت في ظروفها الطبيعية لما تمت .واعتبر ان ما قامت به امل يخفي حالة تفشي لها وان لم اسميها ظاهرة .باعتبار ان العقلية الشرقية عموما تحتكم اثناء حكمها علي الامور وفق قانون المحرمات وهذا ما يجعل الامر يتفاقم عوض عرضه للنقاش. وبالتالي مفهوم الضحية هو ايضا ملتبس لما ؟باعتبار اننا لو استمرئنا دائما دور الضحية فهذا يصبح اعطاء نوع من الشرعية لحالة خارج نسيجها الاجتماعي العام. نعم ما طرحتيه في نفوس مهم ويعطى للموضوع بعدا مكملا .اسئلتك مشروعة وتفتح دائما شهية النقاش ...شكرا لكلّ الآمال

    ReplyDelete
  6. عصفورة الخواطر
    هده حال الدنيا ارى هنا تطابق مع العالم الغربي و هدا تقليد اعمى ...هده قصة قصيرة و تعالج صورة واقعية راهنة في مجتمعنا ..قطع الكهرباء لا يشكل عائق او سبب في الميول الى الشهوة بل ضبط النفس و اللدة التي هي قد تكون غريزية في الانسان و الشعور البشري يفترض ان يكون متحكما في اتخاد القرارات المصيرية التي من خلالها يرى الانسان نفسه في المستقبل و هدا الاخير يخلق في الانسان مدى تفاعل مع ( هي و هو ) بالنسبة للمفالة اسلوب واضح و جميل نشكرك .

    ReplyDelete
  7. مصطفى فهمي ابو المجد
    هو:إيه ياأمل .ممكن زوجك يعطيك ماتريدين . هى: أنا حاولت معه هو يتخلى عن واجبه وأنا أبحث عن حقى. أنا: حسبنا الله ونعم الوكيل "إذا وسد الأمر لغير أهله فانتظر الساعة" العزيزة/سامية وسليمان تحياتى لكما

    ReplyDelete
  8. سامية الطرابلسي حكيم
    مرحبا بتغريد عصفورة الخواطر في مدونتي وشكرا علي تعليقك ..اعتقد يا عزيزة ان القضية ابعد من تقليد الغرب لانها اولا ليست سلوكا متحررا من كلّ القيود لذلك تتم اغلبها بشكل غير علني ولكن هذا يخفي خلل ما موجود في المجتمع العربي عموما .هذا الخلل الذي يجعل المرىء في لحظة ضعف او نزوة او حرمان او حاجة بشرية تجعله ينخرط خلف رغبته .ولذا نسلط نحن الضوء علي هذه السلوكات ليس من باب الادانة الاخلاقية او اقامة الحدود بل للبحث عن الاسباب التي تؤدى لحدوث ذلك وعبر الوقوف علي الاسباب تتم المعالجة الحقيقية واقتلاع جذورها اما السكوت عنها تحت مسميات وغطاءات عدة فان ذلك يكرسّ الازمة ولا يعالجها...شكرا علي وجودك العطر هنا وانا فخورة بزيارتك للمدونة ودمت بخير لاختك سامية

    ReplyDelete
  9. سامية الطرابلسي حكيم
    صباحك مسك وعنبر يا ابتي الفاضل ....تعجبني تعليقاتك اينما ترد لانها تعبر عن روح متفاعلة وواعية ومنفتحة وايضا مرحة وزارعة للامل اينما حطّ ركبك ..فنعم الاب انت ...نعم يا ابتي نحن هنا نسلط الامر علي واقع للاسف يعيش بيننا ومن وراء حجاب وستارات كثيفة ونغفل عن رؤيتها وبالتالي وكاننا نعطيها شرعية النمو والتناسل وعليه ما ارادت القصة الوقوف عنده هو عند انقلاب الادوار علي مسرح الحياة فتكون النتيجة عكس المأمول.فتصور ابتي ان يتخلى زوج عن واجبه الاقتصادى ويدفع بزوجته لتحلّ محله دون عذر شرعي او مرضي باعتبار ان ذلك قد يبرر تخاذل عديد الازواج .هذا الوضع الجديد والذي قد يغرى الكثيرين بالمنفعة الاقتصادية دون التحسب للعواقب ...والنص يا ابتي يلقي بالضوء علي هذا الامر من باب التنبيه والعرض وتعرية للنماذج السلوكية بعيدا عن التجريم او تحليل او شرعنة الوضع ولكن لنعتبره ناقوس يقرع احدى الافات الاجتماعية التي تنخر مجتمعاتنا ...سعدت جدا بحضورك المتميز دوما ودمت بخير لابنتك سامية

    ReplyDelete
  10. تم نقل هذه التعليقات أعلاه من مكانها الأصلي في إيلاف لهذا المكان وشكراً

    ReplyDelete