Saturday, February 25, 2012

التدوين العربي


ندون لنفيد ونستفيد، فما ندونه من أفكار تعبّر عن آرائنا هي بالتالي مرآة لنفوسنا، ولكن ليس كل ما نكتبه يعني بأننا مصيبون أو مخطئون  فيما نقول أو نكتب، فهي ربما مجرد كلمات لمن يقرأ ولن تعني له اي شيء، وربما يعتبرها بعضهم تفاهات، والبعض الآخر يعتبرها قيّمة، ولكن مهما تعددت الآراء بالنسبة لما نكتب فهي في حقيقة الأمرصدى لما يدور في عقولنا من افكار، وهذا لا يعني أننا نفوق الآخرين ثقافة وعلماً وأدباً ... لا لكنها تدوينات ...وخواطر ندونها ربما خوفاً من أن نُنتسى في خضم هذه الحياة، إذ انها من الممكن أن تكون صرخة لما نعانيه ..
في الحقيقة أنا من دعاة التدوين، لسبب أنني أعتبر أن للتدوين فوائد عديدة من أهمها إطلاق ما هو مكبوت في نفوس المدونين، والمدون يكتب ليقرأ الآخرين وبالتالي فهو يقرأ ما يكتبه الآخرين إذن المدون يكتسب خبرات فكرية وثقافية وعلمية جديدة، تمضية وقت الفراغ في التدوين هو شيء أعتبره مكسب، كأب ومسئول يحب أن يرى أولاده يقومون بما ينفعهم وينفع بالتالي غيرهم في أمور غير ضارة بل على العكس تنمي من شخصية المرء وتمنحه خبرات ومعلومات وعلاقات جديدة ما كانت لتكون لولا الدخول في هذا العالم الإفتراضي المفيد.
الكثير ممن تعرفت عليهم في مدونات إيلاف وغيرها من المدونات مثل البلوغر هم من محبي القرأة والكتابة منذ الصغر، وبعضهم إن لم أقل القليل منهم هو كاتب يومي مواظب والعديد منهم (من القليل) يكتب أكثر من مقال في اليوم الواحد وربما أربع أو خمس مقالات يومية،  وهذا إن دلَّ فإنه يدلّ على غزارة علمه وادبه (إن كان المقال هادفاً) ووفرة الوقت لديه، لكني في الحقيقة تساءلت كثيراً عن مغزى التدوين إن لم يكن هادفاً، أي لإيصال رسالة  فكرية أو أدبية أو بالطبع علمية، ومن ثم  مناقشة هذه الأفكار وما تم تدوينه في جو هادئ بعيد عن الصخب والسفاسف للإستفادة والإفادة ومحاولة إيجاد الحلول التي ربما يُطالب بها كاتب المقال.
الكثير من المقالات التي أقرأها أحاول فهم المغزى من كتابتها واستقي من خلالها معلوماتي عن المدونين، شخصية المدون، افكاره، توجهاته السياسية والدينية وأرائه في العديد من المسائل المطروحة، فالمقالات السياسية التحليلية منها أو المنقولة هي بالتأكيد تعبّر عن توجهات الكاتب أو الناقل السياسية والأدبية ومن خلالها يستطيع القارئ معرفة آرائه ويستطيع المختص معرفة بعض المعلومات عن هذا المدون من خلال متابعة حثيثة لما يتناوله دائماً في مقالاته، أما المقالات العلمية فهي توسم كاتبها بالشخصية العلمية والإهتمام بالشؤون التطبيقية وأنواعها وامتداتها كالطب والفلك وعالم الإختراعات وغيرها من العلوم التطبيقية، إما الإنتاج الأدبي أوالفكري فهو يتميز بكونه إبداع فكري أو أدبي لصاحب المقال إذ من النادر أن نرى مقال فكري أو ادبي لا يتناول فكرالكاتب نفسه وآراؤه فيما يكتبه، لذا فالمقال الأدبي سواءاً بتناوله للشعر أو النثر أوالأدب الروائي والقصصي، سيُغني المتابع  والقارئ المهتم بالكثير من المعلومات عن صاحب المقال وعن بيئته ونشأته ولا يكون ذلك إلا بمتابعة ما يكتبه المدون يوماً بعد يوم، سأكون كاذباً إذا قلت أنني لست معجباً بالكثير من المدونين في العديد من المدونات العربية، لآرائهم النيرة وإبداعاتهم المتكررة والمتواصلة بغض النظر عن التوجهات السياسية أو الفكرية أو الدينية أو الأدبية فكلمة الحق كما عرفتها وخبرتها لا تعرف الإصطفاف خلف الأسماء والإنتماءات ولا تعرف الجغرافية ولا التاريخ وإنما الحق هو الضمير الحي بروحه المثالية النقية.
التدوين العربي أصبح واقع ملموساً نراه بشكل يومي وكما اسلفت أرى الكثير الجم من المقالات الهادفة والمتنوعة في العديد من المجالات المختلفة، السياسية، الدينية، الأدبية والعلمية وحتى الفنون والآراء وهذا التنوع يُثري بحق عالم التدوين، لكن في الحقيقة نرى أن لغة الخطاب السائدة لبعض المقالات الخاصة بالعقيدة والأديان وحتى في السياسة عموماً تتسم بالبعد عن أخلاقية المدونين ويشوبها العديد من الكلمات التي لا يصح ذكرها في هذه الدولة التي إنضوينا تحت لوائها المسماة التدوين العربي ولكن بما أن حرية التعبير هي مكفولة للجميع فأتمنى من زوارنا الأحباء الإرتقاء بإسلوب النقاش ومحاولة التخلص من الكلمات التي لم ولن تؤدي غرضها في الوصول إلى ما نريده وشكراً

No comments:

Post a Comment